بقلم: عميرة أيسر* عملت الحركة الصهيونية العالمية منذ نجاحها في احتلال فلسطين سنة 1948م على محاولة إنهاء القضية الفلسطينية والتخلص من الأعداد البشرية الهائلة من سكان المنطقة الأصليين من العرب الذي تم تشريد مئات الآلاف منهم وتهجيرهم من مناطقهم الأصلية إلى دول الشتات وعلى رأسها الأردن ومصر وسوريا ولبنان وذلك من خلال تقديم أكثر من 25 مبادرة إقليمية ودولية لإقامة وطن بديل لهم في مقابل تنازلهم عن حق العودة إلى أراضيهم المحتلة ومن أهم هذه المبادرات الصهيونية ذات الصبغة الدولية نجد مشروع سيناء سنة 1951م والذي يقضي بأن تقوم الحكومة المصرية بالتعاون مع منظمة الغوث الدولية على توطين لاجئ غزة على أراضي تبلغ مساحتها حوالي 250 ألف فدان في سيناء وتراجعت مصر عن تنفيذ هذا القرار سنة 1953م تحت ضغوط شعبية وهذا المشروع كان البداية لسلسلة مشاريع صهيونية تستهدف طمس الهوية الفلسطينية والاستحواذ معظم الأراضي المحتلة وبطريقة قانونية بالإضافة كذلك إلى مشروع إيفال- ألون الذي تم تقديمه للحكومة الإسرائيلية سنة 1967م وهو نسخة معدلة منقحة عن مشروع سنة 1951م ويهدف إلى نفس الغرض أي إعادة توطين الفلسطينيين في سيناء وليس سكان قطاع غزة فقط. بالإضافة إلى مشروع نسيبه-أيالون سنة 2002م ويهدف بخلاف المشاريع الصهيونية السَّابقة إلى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومحدودة السّيادة في قطاع عزة والضفة الغربية مع إسقاط حق العودة مع استثناءات قليلة. تلك المشاريع الصهيونية الخبيثة وغيرها والتي تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في فلسطينالمحتلة كمشروع غيورا أيلاند وهو الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي سابقاً وهذا المشروع كان عبارة عن دراسة قام بإعدادها لصالح مركز بيغن- السَّادات للدراسات الإستراتيجية ويهدف إلى إقامة دولة فلسطينية في غزة من خلال اقتطاع حوالي 720كلم من سيناء المصرية مقابل تنازل إسرائيل لمصر عن 720 كلم من صحراء النقب لصالح مصر وتفاصيل المشروع كذلك موجودة وبشكل أكثر دقة في دراسة أعدها البروفيسور يهوشع بن آريه رئيس الجامعة العبرية سابقاً و يضيف على خطة غيورا أيلاند اقتراحه بأن تقام مشاريع اقتصادية ضخمة في سيناء المصرية من أجل حثَّ الفلسطينيين بالقبول بالشروط والمقترحات الصهيونية وبأسرع وقت ممكن.
وقد حاول مركز بيغن السَّادات للدراسات الإستراتيجية والذي يعتبر من أهم مراكز التفكير الاستراتيجي داخل الكيان الصهيوني الغاصب والذي يقع مقره الرئيسي في جامعة بار آيلان سنة 2010م تقديم مقترحات لتطوير خطة التوطين هذه ولكن هذه المرة من خلال استهداف الأردن والتي يريد الصهاينة أن تتحول من دولة ملكية هاشمية إلى دولة فيدرالية تشمل كل من قطاع غزةوسيناء المصرية والضفة الغربية حيث يترك لكل قطاع حرية تسيير شؤونه الداخلية ما عدا الدفاع والخارجية وقد جرى لقاء رسمي بين الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والصهيوني نتنياهو سنة 2010م لمناقشة هذه المقترحات الصهيونية لإقامة وطن بديل لهم ولكن الرئيس المصري آنذاك أعلن رفضه له جملة وتفصيلاً ويعتبر الكثيرون بأن رفضه لتلك المشاريع أدت إلى الإطاحة به سنة 2011م حيث عمد نتنياهو إلى استغلال الوضع الاقتصادي الصعب لمصر في تلك الفترة من أجل فرض شروطه عليها لإقامة وطن لهم في سيناء مقابل تقديم مساعدات مالية واقتصادية كبيرة للحكومة المصرية. وفي شهر سبتمبر سنة 2014م أعلن راديو جيش الاحتلال الصهيوني عن اقتراح تقدم به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإقامة دولة فلسطينية فوق أراضي سيناء وهو المقترح الذي نفاه السيسي ورفضه الرئيس الفلسطيني أبو مازن. و لم تقف المحاولات والمشاريع الصهيونية عند هذا الحدّ بل حاول نتنياهو هذه المرة عبر الوساطة الأمريكية تمرير مشاريعه الهدامة تلك بمباركة مصرية هذه المرة وذلك من خلال اللقاء السري الذي تم عقده في شهر فيفري 2016م والذي جمع بين وزير الخارجية الأمريكي وقتها جون كيري والملك الأردني عبد الله نتنياهو وعبد الفتاح السيسي وتم تغييب الرئيس أبو مازن عند عمداً وهو اللقاء الذي أماطت اللثام عنده وسائل الإعلام العبري بعد عام كامل من حصوله وفي شهر مايو سنة 2016م زار السيّد عبد السّلام الجبالي مهندس اتفاقية وادي عربة للسَّلام بين الأردنيين والصهاينة و التي عقدت بتاريخ 26 تشرين الثاني/ أكتوبر على الحدود الفاصلة بين البلدين. أعيان مدن نابلس ورام الله والخليل وقال: لهم أنتم منا ولمصر غزة وهو الذي أكد بأنه قام بتلك المبادرة بصفة شخصية وهي الزيارة التي فسرها مراقبون كثر بأنها قد أتت في سياق المشاريع الصهيونية التي لها منفذون عرب للأسف الشديد لإنهاء القضية المركزية للأمة جمعاء. وأخر هذه المشاريع هي مشروع صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية والتي لازالت الكثير من بنودها وملاحقها سرية ويعمل الجانب الصهيوني حالياً بالتنسيق مع أطراف عربية وغربية على محاولة إقناع الجانبين الفلسطينيوالأردني بقبولها بعد رفض الأردن القاطع لأي حلّ للقضية الفلسطينية على حساب المملكة الأردنية أو اقتطاع جزء من أراضيها لذلك تعمل أجهزة الاستخبارات الصهيونية على محاولة تغيير النظام الهاشمي الحاكم هناك والإتيان بنظام جمهوري عميل يقبل بتلك المقترحات التي تصطدم دائماً بالإرادة الصلبة للشعب الفلسطيني الذي يرفض أن يتنازل عن حقوقه الأساسية وعلى رأسها حقه في العودة إلى كامل الجغرافيا الفلسطينية المغتصبة.