غزت المسلسلات التركية البيوت، وجعلت المواطنين، أو بعضهم، لحسن الحظ، يتسمرون أمام شاشة التلفاز يوميا، لكي يشاهدوا حلقات مسلسل، او مجموعة من المسلسلات فيها ما يقال، لكن الأكيد هو أنها تتسبب في ضياع وقت الكثير من المشاهدين، و ربما دون فائدة. مصطفى مهدي بقدر ما أصبحت المسلسلات التركية محببة إلى قلوب المواطنين، وخاصة الفتيات اللائي لا تتجاوز أعمارهن الثامنة عشر من العمر، أي المراهقات، بقدر ما صار عدوا للأولياء الذين يرون أبناءهم يضيعون أوقاتهم متسمرين أمام شاشة التلفاز، لساعة ونصف الساعة، او ربما أكثر، بل إن تلك المسلسلات تكاد لا تنتهي، حيث أن البعض يتابع كل الحلقات، ويزيد عليها بأن يتابع الإعدادات، ليس هذا فحسب، بل لا يضيع ولا مسلسلا، بل يتتبع القنوات الفضائية التي يبثها، ويستغرق في ذلك الساعات الطوال، بل نصف العمر، بحسب عنوان إحدى تلك المسلسلات. صرخت السيدة جميلة بأعلى صوتها، وهي ترى ابنتها صاحبة السابعة عشر من العمر تشاهد الإعلان الذي بثته إحدى القنوات الفضائية العربية عن مسلسل جديد بعنوان" ندى العمر" تقول لنا إنها اتفقت معها، أي مع ابنتها، على أن تتوقف عن مشاهدة تلك المسلسلات ما إن تنتهي حلقات "العشق الممنوع" ولكنها رآها تنتظر بشغف الإعلان عن مسلسل آخر، وأكدت أنها لن تقدر على منع ابنتها من مشاهدته، بل ومشاهدة الإعدادات أحيانا، تقول: "لا ادري كيف يمكن لشخص أن يشاهد تلك المسلسلات التي تخلو من المعنى، ومن المتعة، ومن كل شيء، وليس فيه إلاّ كلمات الحب الخالية حتى من الإحساس، ذلك أنّ مجتمعاتهم لا تشبه مجتمعنا، والفتاة التي تشاهد مثل تلك المسلسلات إما أنها تحاول أن تقلدها وهي تخرج إلى الشارع، فترتكب حماقة، وإما أنها تبقى تفكر فيها بينها وبين نفسها، فلا تفعل سوى أن تفقد تركيزها في حياتها اليومية، بالنسبة لي أنا أشاهد بعض المسلسلات ولكن تلك الهادفة، مثل المسلسلات السورية، وليست تلك التافهة، أما ابنتي فسأرى كيف افعل لكي أقنعها بأن تتخلى عن هذه العادة، خاصّة وأنّ والدها لا يقبل بهذه التصرفات الغريبة عن أسرتنا المحافظة". أما أرباب الأسر، فإنهم عادة ما يمنعون تلك المسلسلات الهدامة، او هكذا يرونها، عن أسرهم، ولا يتسامحون مع الصور اللا أخلاقية التي تبثها، والتي تهدم، لا حالة أخلاق الفتاة، وخاصّة المراهقات اللائي يُقبلن عليها بشغف، يقول لنا بشير، وهو أب، وكذلك مختص في النفس، يقول أنه تصرف بعنف مع ابنته التي لم تنته عن مشاهدة تلك المسلسلات التركية، يقول:"نصف عمر ابنتي ستمضيه في مشاهدة التلفزيون، ولو كانت ترى حصصا وبرامج مفيدة لهان الأمر، ولكنها تشاهد تلك المسلسلات الطويلة، والتي لا يخرج منها الواحد إلاّ فارغ الرأس، وأنا الذي أسعى إلى أن أحافظ على الوقت، واعتبره ثمينا، انزعج كثيرا وأنا أرى ابنتي تضيعه في هكذا أشياء، ولو كانت وسائل ترفيهية لهان الأمر، فالإنسان لا بد أن يرفه عن نفسه ولو قليلا، ولكن ليس بهذه الطريقة".