احتارت الكثير من ربات البيوت، ومع بداية شهر رمضان، في شأن المسلسلات التي دأبت على متابعتها، والتي تحاول جاهدة التوفيق بين مشاهدتها وبين الوقت الذي تمنحه لتحضير الفطور وغسل الأطباق وغيرها من الأشغال المنزلية، وكثيرا ما لا توفق في ذلك. تتسارع القنوات الفضائية العربية خلال شهر رمضان إلى بث المسلسلات والحصص الرمضانية، والتي من شانها أن تجلب اكبر قدر من المشاهدين إلى الشاشة، وبالتالي مضاعفة عدد المتتبعين، والذين بدورهم يقبلون، وفي رمضان دون غيره من الأشهر، على متابعة كل المسلسلات او أحسنها، خاصة ربات البيوت اللائي ينتظرنها بشغف كبير، ويحاولن ألاّ تفوتهن منها ولا حلقة، حتى أنهن كثيرا ما يفرطن في أشغال بيوتهن، ويتابعنها على حساب وجبة الإفطار وغسل الصحون الذي يؤجلنه إلى ساعات متأخرة من الليل، وفي شهر رمضان لهذه السنة، تضاعف عدد المسلسلات فتضاعف معه هوس النسوة المتفرجات وبقدر ما زاد فضولهن لرؤية اكبر عدد منها بقدر ما زاد إهمالهن لبيوتهن. لكن يبدو أنّ الانترنيت جاء ليحل المشكلة هذه السنة، او على الأقل يقلل من حجمها، ويسمح لربات البيوت بان يشاهدن مسلسلاتهن المفضلة في الوقت الذي يردنه، فلا يلهيهن بذلك عن الاعتناء بأعمالهن المنزلية، حيث يخترن الأوقات التي يكن فيها غير منشغلات بها، فيشاهدن الحلقات التي أضعنها، والتي عرضت في أوقات غير مناسبة، وكل ذلك بوساطة تقنية العرض تحت الطلب او ما يسمى ب" video on demande"، وهي تقنية تسمح للقنوات بعرض برامجها على الانترنيت ولكن بالأوقات التي يطلبها المشاهد، أي انه يختار الحصة او المسلسل او الفيلم الذي يتابعه، فيراه في الوقت الذي يريده على الانترنيت، فيما يكون مجبرا على الارتباط بوقت معين إذا ما شاهده على التلفزيون، وهو ما يسمح له بان يرى ما يشاء من برامجه المفضلة، دون أن يجعله ذلك يترك مشاغله الأكثر أهمية، او يؤجلها او شيء من ذلك، بل بالعكس من ذلك، فبهذه التقنية صار بإمكانه أن يجعل من تلك البرامج، وإضافة إلى أنها تثير إعجابه وفضوله، إلى وسيلة للتسلية في أوقات فراغه. هذه التقنية التي أُضيفت حديثاً إلى شبكة الانترنيت، والتي مست أشهر القنوات الفضائية الأجنبية خاصّة الإخبارية وبعض القنوات العربية، في انتظار أن تعمم على جميع القنوات، والتي تسعى بدورها إلى الاتجاه إلى هذه التقنية التي لا شك ستجعلها تربح الكثير من المشاهدين، الذين وان عزفوا عن مشاهدتها على الشاشة، إلاّ أنهم سيتابعونها على الانترنيت. ورغم حداثة هذه التقنية إلاّ أنّ الكثير من ربات البيوت رحن يستفدن منها، خاصة في شهر رمضان، حيث تكثر فيه البرامج والمسلسلات، ويكثر كذلك إقبال المشاهدين عليها، بعضهم يحاول تمضية الوقت، وآخرون يعجبون بها فعلا، وتحكي لنا نسيبة عن الأمر تقول:"لأني مطلعة على كل جديد على الشبكة العنكبوتية، فاظنني من أول من فكر في استعمال هذه التقنية، والتي لم تلق لحد الآن الرواج الذي تستحقه رغم أنها عملية، خاصة لنا نحن النسوة ربات البيوت، حيث عادة ما لا نستطيع التوفيق بين أعمالنا المنزلية ومشاهدة التلفزيون، خاصة تلك التي تعرض على القنوات الفضائية، حيث أن مواعيد الإفطار والإمساك تختلف بيننا، وبالتالي فانه قد يعجبك مسلسل تبثه القناة ساعة الإفطار او قبل ذلك او بعده بقليل فاضطر إلى عدم متابعته او مشاهد الإعادة في ساعة متأخرة من الليل، وفي وقت سابق كنت استعمل هذه التقنية لأشاهد بعض القنوات الفضائية الأجنبية، لأنّ القنوات العربية لم تكن قد أدخلتها على برامجها، أما وقد بادرت بعض القنوات بذلك فلما لا استفيد منها". أما الياس فيقول لنا بان تقنية البث تحت الطلب او البث المتدفق قد غيرت حياته، بل انه شعر أن الذي اخترعها فكر في أسرته قبل أن يفعل، حيث انه وفي رمضان من كلّ سنة، يشهد الشجارات التي تنشب بين أمه ووالده، وقد يشارك فيها كذلك بسبب تلك المسلسلات التي أفقدت أمَّه عقلها فصارت تهمل كل شيء، بل أنها قد لا تفطر في الوقت حتى تكمل مشاهدة برنامجها المفضل، وعندما سمع بتقنية العرض المتدفق والتي وصلت إلى بعض القنوات العربية، سارع إلى أمه يبشرها ويعلمها كيفية استعمالها، حتى لا تضطر في رمضان إلى الانشغال بمسلسلاتها، ويقول لنا أنّ انتشار الانترنيت في البيوت الجزائرية خاصة والعربية، جعل هذه التقنية التي اكتشفت منذ زمن، تصبح عملية وتزدادا انتشارا، ودفعت بأصحاب القنوات الخاصة إلى تبنيها حفاظا منهم على مشاهديهم وجلبا لمشاهدين آخرين.