من بين ما ينتظره بعض المواطنين خلال شهر رمضان ليس أن يتقربوا من الله بمختلف العبادات والتي يضاعف أجرها، بل بعض البرامج والمسلسلات التلفزيونية، والتي تتسابق القنوات الفضائية لعرضها، ولجلب أكثر قدر ممكن من المشاهدين. لكنّ تهافت البعض على تلك القنوات، وانتظار بعض المسلسلات، قد يتحول من مجرد تسلية و"قتل للوقت" كما يقولون، إلى مرض وهوس حقيقي بما يُعرض على الشاشة الصغيرة، حيث أنّ البعض، وخاصّة النسوة، يتركن أشغالهن وأعمالهن، وحتى واجباتهن، وينغمسن في متابعة تلك المسلسلات، والتي تحرص أكثر شيء على الإثارة والتشويق، وفي رمضان من كل سنة، تحدث بعض المشاكل بين سيدات يقبلن على متابعة تلك المسلسلات وبين أزواجهن الذين يطالبونهنّ بالاهتمام بواجباتهن، خاصة في شهر رمضان، والذي لا بد أن تكون مائدته مميزة، وتحضَّر في الوقت المناسب، حتى أنّ زهرة، ربة بيت وأم لطفلين، تحكي لنا أنها تشاجرت مع زوجها بسبب مسلسل كان يبث على قناة فضائية أوقات قليلة قبل آذان الإفطار، وهو يجعلها تحضر المأكولات قبل ذلك، لتتسمر أمام الشاشة الصغيرة، وتبقى تشاهد مسلسلها المفضل، ولا تترك مقعدها إلاّ وصوت المؤذن يرتفع معلنا انتهاء يوم من الصوم، وقد لا تفعل إذا كانت الحلقة مثيرة، فتتابعها حتى نهايتها قبل أن تفطر، وهو الأمر الذي جعل زوجها ينزعج ويتذمر، بل ويعاتبها ويصرخ في وجهها أحيانا. وتعترف لنا زهرة بأن ذلك التصرف لم يكن لائقا، خاصة وان الأكل أحيانا لا يكون جاهزا أو لا يكون ساخنا أو ينقصه شيء، إلى أن جاء يوم قطع فيه زوجها عليها شاشة التلفاز نهارا، فصارت تسهر حتى الساعة الثانية عشرة ليلا لتشاهد إعادة حلقاته، أمّا في رمضان من هذا الشهر فتنوي أن تنظم وقتها، حيث أنها دونت الأوقات التي تبث فيها كل المسلسلات التي تهمها، وتجنبت قدر الإمكان تلك التي توافق ساعة الإفطار، وذلك حتى تنتهي من تلك العادة السيئة، والتي جعلت زوجها يصفها مرة، وقد بلغ به الغضب، بأنها ليست امرأة. فوزية من جهتها تقول أنها حضرت جدولا بكل المواعيد التي تهمها على الشاشة الصغيرة، من أفلام ومسلسلات وحصص وأشرطة وغيرها، وان كان الأمر لا يقتصر على شهر رمضان، بل على سائر الأيام، حيث أنها تقضي أكثر من نصف نهارها، بل نهارها وليلها أحيانا في مشاهدة الأفلام، ولا تملُّ من ذلك، وان لها مذكرة بكل ما يُبث على الشاشة، أما في رمضان فإن مذكرتها، تقول لنا ضاحكة، لا شكّ ستمتلئ بالمواعيد، وهو ما يجعلها حتما، وككل رمضان، تقصر في واجباتها المنزلية، ورغم أنها لم تتزوج بعد، إلاّ أنها لا بد أن تساعد أمها في الأعمال المنزلية. ربما تكون واجبات المرأة خلال شهر رمضان اكبر وأكثر من واجبات الرجل، لكن لا بد عليها أن تتحمل المسؤولية كاملة خاصة فيما يتعلق بالأشغال والأعمال المنزلية، والتي لا بد أن تكون الاهتمام الأول للمرأة قبل عملها، إن كانت تعمل، وقبل مشاهدة المسلسلات التلفزيونية واللهو والعب، خاصّة إن كانت سيدة متزوجة، فكم من أسرة تهدمت بسبب بعض التصرفات اللامسؤولة، والتي تأتيها بعض النسوة، اللائي يضعن أزواجهن وأولادهن في آخر سلم تفكيرهن، فتدمر حياتها، من اجل لا شيء.