في الوقت الذي قالت فيه أرقام إحصائية دقيقة إن عدد المنتسبين الجزائريين إلى شبكة "الفايس بوك" للتواصل الاجتماعي على الأنترنت يقدّر بمليونين ومائة ألف شخص، وهو رقم يتصاعد باستمرار، كانت أسعار الطماطم تواصل تصاعدها لتحطّم المزيد من الأرقام القياسية وتثبت أن "شعب الفايس بوك" هذا عاجز حتى عن توفير الطماطم لنفسه، ومع ذلك تجده يقدّم للعالمين دروسا حول عظمته· وتكفي جولة قصيرة في أيّ سوق من أسواق الخضر للاطّلاع على مفارقة غريبة تصنعها أسعار بعض الخضر والفواكه، فبينما يباع الموز المستورد من بلدان بعيدة جدّا ب 120 دينارا للكيلو غرام الواحد وصل سعر الطماطم التي تُنتج في الجزائر إلى 130 دينارا للكيلو غرام الواحد، وهو ما يختزل عوامل عديدة من ضعف الإنتاج الوطني إلى المضاربة إلى الجشع، ويؤكّد أن الشعب الجزائري العظيم بات عاجزا عن ضمان الحدّ الأدنى من غذائه وصار غير قادر على ضمان التوازن بين أسعار الخضر والفواكه! طبعا، ليس هناك من شكّ في عظمة الشعب الجزائري عبر التاريخ، فشعب تصدّى ل "النّاتو" وألحق بفرنسا وهي على ما هي عليه من قوّة عسكرية عالمية رهيبة، لا يمكن إلاّ أن يكون شعبا عظيما، لكن هل تكفي هذه العظمة التاريخية لتجعل من الجزائريين شعبا قويا قادرا على التأثير في محيطه وفي العالم؟ لقد اعتدنا الاتّكاء على تاريخنا المجيد حتى ونحن نتحدّث عن المستقبل، وننسى أن الماضي حول غرس الحاضر لكن المستقبل هو جني الحاضر، فلا يمكن لماضينا الرّائع أن يشفع لنا إلى الأبد إذا واصلنا انحدارنا الحضاري وسقوطنا الاقتصادي وعجزنا عن الأكل ممّا ننتج واللباس ممّا ننسج· ومثلما لا يمكن الاتّكاء على تاريخنا المجيد إلى الأبد لا يمكننا الاعتماد على النّفط وحده إلى ما لا نهاية، فإضافة إلى أن النّفط ثروة في طريق الزّوال فإنها ثروة لا يمكنها أن تُشبع جائعا، وإذا استمرّ اعتمادنا المطلق عليها فقد تضطرّ الأجيال القادمة إلى مقاومة جوعها بشرب البترول·· إن تركنا لها بترولا تشربه·