تواصل معاهد دراسات و مؤسسات دولية مختصة تجسيد نظرتها السوداوية عن الاقتصاد الوطني من خلال تقاريرها الأخيرة التي جانبت الصواب و دخلت طريق المبالغة و القراءات الغير مستندة إلى معطيات اقتصادية دقيقة بحسب العديد من المختصين، الأمر الذي جعل بعضهم يشكك في وجود نوايا خبيثة لمعديها من اجل ضرب استقرار البلاد على مقربة من رهانات سياسية مصيرية. و مؤخرا حذر مركز "مجموعة الأزمات الدولية للدراسات" الذي يتواجد مقره في بروكسل، الحكومة الجزائرية من الدخول في أزمة اقتصادية حادة عام 2019، إذا استمرت بالسير على نفس النهج للسياسة الاقتصادية المعمول بها حاليا،خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية . واعتبر التقرير أن مردوديّة الاقتصاد الجزائري المرهون بأسعار النفط ضعيفة جدا، معتبرا أن صرف مبالغ ضخمة من الميزانية العامة على السلع المستوردة نقطة سوداء في الاقتصاد الجزائري. وأفاد المركز في هذا الشأن أن الجزائر قرّرت في نهاية 2017 عدم اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، والاستدانة من البنك المركزي بطبع العملة لسدّ العجز في الميزانية على مدى خمس سنوات، وهو ما اعتبره الخبراء بابًا مفتوحا لزيادة التضخّم. لكن خبراء جزائريين يشككون في القراءات الاقتصادية التي قدمتها العديد من معاهد الدراسات الأجنبية مؤخرا حول وضع الاقتصاد الوطني و لو أنهم يتفقون معها في مسألة ضرورة "وضع خارطة طريق للإصلاح الاقتصادي و تنويع مصادر الدخل" و فتح حوار موسّع مع الفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني حول التحدّيات التي تواجهها البلاد ووسائل إزالتها . و في السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتورعبد الرحمان عية في تصريح ل السياسي أمس إن تقرير مركز "مجموعة الأزمات الدولية للدراسات" الاخير يرتكز حول المعطى الدولي و توقعات انهيار اسعار البترول في السنة المقبلة، و لذلك استنتج اوتوماتيكيا حدوث ازمة اقتصادية خطيرة في الجزائر كونها بلدا لا يزال يعتمد على الريع البترولي،لكنه اعتبر بأن هذه القراءات تظل نسبية و توقعية و غير ملزمة نظرا لصعوبة توقع منحى أسعار البترول لكون السوق تتأثر بمعطيات عديدة و متداخلة . و بعد تأكيده بأن التقارير الأخيرة حول وضع الاقتصاد الوطني اشتركت في جزئية دفع الجزائر للاستدانة الخارجية من اجل محو أثار الأزمة المترتبة عن تراجع أسعار النفط ،قال أستاذ الاقتصاد في جامعة تيارت إن الذين يقفون خلف هذه التقارير يريدون ضرب استقرار الجزائر و يستهدفون فيما بعد السيطرة على ثرواتها و لي ذراعها بتراكم الديون التي لن تستطيع سدادها في حال بقي وضع أسواق البترول على ما هي عليه الآن . و بنظرة تفاؤلية استدرك محدثنا قائلا: احتياطي الجزائر من العملة الأجنبية البالغ حاليا 88 مليار دولار يكفينا لمدة ثلاث سنوات،لكن على الرغم من ذلك يجب على الحكومة ان تتحرك و تعمل بشكل جدي على تنويع مصادر الدخل قبل خروج الامور عن السيطرة في قادم السنوات . و معلوم بأن قانون المالية 2019 المصادق عليه مؤخرا من طرف نواب البرلمان لم يحمل في طياته ما يدل على وجود او توقع ازمة اقتصادية خانقة في الجزائر ،حيث لم يأت باي رسوم او زيادات على المواطنين كما حافظ على نظام السوسيال ،كما أكد محافظ البنك المركزي محمد لوكال، الأسبوع الماضي، أن احتياطي النقد الأجنبي سيرتفع مع بقاء أسعار النفط فوق مستوى 50 دولارا للبرميل، وهو الرقم المقترح في ميزانية العام القادم.مشيرا إلى أن الأسعار العالمية للنفط ستساعد في رفع الاحتياطي.