إذا كان العديد من المدعوين إلى الأعراس والولائم والحفلات يعودون منها مبتهجين ومسرورين للغاية يتبادلون الآراء المختلفة حول العرس ويضحكون ويستعيدون أجواء الفرحة والأنس التي عاشوها، فإن بعضا منهم قد يقضي ليلته وهو يلعن اللحظة التي قرر فيها التوجه إلى ذلك العرس، أو يقضيها في رواق إحدى مصالح الاستعجالات بالمستشفى، وهو يعاني من آلام فظيعة على مستوى البطن ودوار وغيرها من الأعراض التي تشير إلى شيء واحد فقط وهو التسمم الغذائي. كشفت إحصائيات وزارة التجارة الصادرة خلال السنة الماضية فقط لا غير عن تسجيل حوالي 4400 حالة تسمم غذائي خلال فترة الصيف، أغلبها بالأعراس والولائم العائلية، وأكد ذات المصدر أن حوالي 62 بالمائة من التسممات الغذائية تحدث بالأعراس التي من الصعب فرض شروط المراقبة والوقاية فيها من طرف الأعوان المكلفين بذلك نظرا لأنها تتم في محيط عائلي ومن الصعب جدا مراقبتها بأي شكل كان. وتعتبر الحلويات والمرطبات واللحوم أكثر المواد التي تتسبب في حالات التسمم الغذائي بالأعراس نظرا لسرعة تلفها وتأثرها الشديد بدرجة الحرارة من جهة، ولانعدام شروط حفظها بطريقة آمنة وسليمة، الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي الجماعي بعد استهلاكها، وخلال هذا الأسبوع فقط عاش المدعوون إلى أحد الأعراس بنواحي الحراش ليلة بيضاء، ليس بسبب الفرقة الموسيقية ولا بسبب أجواء الفرحة الحماسية، وإنما لإصابتهم جميعا بتسمم غذائي لم يخلف لحسن الحظ إصابات بليغة ولكنه أجبرهم على قضاء ليلتهم ساهرين يتحملون الأوجاع الفظيعة على مستوى معدتهم، وتبين حسب أحد المقربين من أصحاب العرس أن السبب يعود إلى اللحم المفروم الذي تم اقتناؤه وبقي فترة طويلة منذ الصباح الباكر وإلى غاية الظهيرة خارج الثلاجة، وبعد أن تم إعداد طبق»المثوم« به وهو طبق تقليدي، أصيب غالبية من استهلكه بعوارض الإصابة بالتسمم، فيما ألقى بعضهم اللوم على الجزار الذي تم اقتناء اللحم المفروم من عنده، معتقدين أنه لم يبعهم لحما مفروما جديدا وإنما خلط بين ما كان موجودا لديه من قبل وبين الجديد ما أدى إلى تلك النتيجة، سيما وأن أحدا لم يكن متواجدا لدى الجزار ساعة تحضيره للكمية الكبيرة التي تم طلبها من عنده. وسواء كان الذنب ذنب الجزار أو ذنب أصحاب العرس، فإن المتفق عليه هو أن اللحوم من أكثر المواد تلفا خاصة في الحرارة الشديدة، وهو كذلك أكثر الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالتسممات الغذائية الجماعية، خاصة إذا ما علمنا أن كثيرا من العائلات الجزائرية أثناء إعداد ولائمها تنطلق في تحضير الأطباق التقليدية التي ستقدمها لضيوفها في الصباح الباكر وأحيانا على الساعة الخامسة أو السادسة صباحا بغية اكتساب الوقت، مع أن ذلك أكبر خطر قد يهدد الصحة العامة، لأنه يتسبب في جعل تلك الأطباق معرضة للحرارة الشديدة بالإضافة إلى حرارة المطبخ والأفران فترة أطول إلى حين تقديمها للضيوف. وعليه وجب الانتباه أكثر إلى اللحوم باعتبارها المادة الأساسية التي تعتمد عليها العائلات الجزائرية في أعراسها والانتباه بصورة أكبر إلى طريقة حفظها، خاصة بعد ذبح المواشي الذي يتم عادة في المنازل، بعيدا عن المراقبة البيطرية اللازمة، وعدم تعريضه إلى الغبار والميكروبات والجراثيم والحشرات وغيرها.