الأخطاء الطبية في الجزائر تحليل وتعقيب بقلم: الدكتورة سميرة بيطام - الجزء الرابع والأخير- إن الطبيب في موقع عمله الخاص هو مجند لخدمة المجتمع من خلال مهنته وبكل إمكانياته وطاقاته وبحسب كل الظروف (السلم والحرب) فهو يساهم في دراسة وحل المشكلات الصحية للمجتمع ويتعاون مع أجهزة الدولة الصحية (وزارة وحدات صحية نقابات) فيما يطلب منه من بيانات وإحصائيات لتسطير السياسة الصحية. لذا فمن أولى تلك الآداب أنه عندما يتعهد الطبيب أمام المريض بميعاد معين أن يلتزم بذلك من بديهيات المحافظة على شرف المهنة لاهتمامه بالمريض والتعهد بمراعاة المواعيد التي أخذها الطبيب على نفسه فإنه حين يرتبط بموعد معين في يوم وساعة محددين يكون عليه التزام بنتيجة فعندما يحدد للمريض ميعادا لعملية جراحية في وقت معين فيجب عليه أن يلتزم بذلك التزاما وثيقا لأنه من أولى ضرورات مهنته الإنسانية والأخلاقية. و لكن إن ما نظرنا للواقع نجد ظاهرة المريض المتجول تستفحل يوما بعد يوم وهذا يناقض الكلام السابق في احترام المواعيد وعدم تأجيلها لميعاد لاحق.فأين هي المصداقية؟ لذا فإن مراعاة الأمانة والدقة تستلزم عدم القيام بما يلي: *لا يحرر الطبيب شهادة مغايرة للحقيقة أو أن يستعين بوسطاء لاستغلال مهنته سواء كان ذلك بأجر أو بدونه. *لا يحق له استعمال وسائل غير علمية في مزاولة مهنته *لا يمكنه بأي وسيلة من وسائل الإعلام التشهير عن طريقة جديدة للتشخيص بقصد استخدامها إذا لم يكتمل اختبارها وثبتت صلاحيتها. *التقيد بالحد المضبوط لأتعاب العلاج وفق ما هو مصرح به قانونا. *و لقد نصت المادة 27 من مدونة أخلاقيات مهنة الطب الجزائري على أنه يمنع الطبيب جراح الأسنان القيام بإجراء فحوصات في مقرات تجارية أو في أي مكان تباع فيه المواد أو الأجهزة أو الأودية إذا كحوصلة لهذا السرد الفني والقانوني قبل توجيه أصابع الاتهام لأي كان لابد من توفير القوانين اللازمة وسد الثغرات الموجودة حتى لا يتم استغلال الفراغ القانوني للإضرار بالمرضى وعلى العدالة ورجال القانون أن يكونوا متطلعين كفاية بالقضية وبكل جوانبها ومحاولة كشف اللبس عما خفي منها ولا بد من التسريع في الفصل في قضايا الأخطاء الطبية واحترام مشاعر المريض المتضرر وإنصافه ورد حقه وإن كان ردا أو تعويضا ماليا فهو لن يعوض كلية انتزعت خطأ أو رحما استئصل خطأ فحرمت المرأة من الولادة أو عينا عولجت بالخطأ لأن الأعضاء البشرية لا تعوض بثمن. ولا يجب توجيه التهمة من غير أدلة للأطباء لإفراغ غضب فشل العملية الجراحية فلربما نسبة نجاحها ضئيلة هذا لا يمنع من قولي للأطباء بأخذ الحيطة والحذر والتكوين الجيد في الطب وتوظيف القيم والأخلاق بعيدا عن كل استغلال كما يحدث في بعض العيادات الخاصة أين تتم المتاجرة بالمهنة لأجل مصالح شخصية بحتة. فتوجيه الاتهام لأصحاب المآزر البيضاء يجب أن يكون له أساس من صحة الأدلة لأنه لولا الأطباء لقضت علينا الأمراض وعلى أصحاب الجبب السوداء تحري الحقيقة وعدم قبول الرشوة لتغطية الفعل الشنيع عن الطبيب أو الجراح أو من ينتمي لسلك الصحة. لتبقى مثل هذه الأطروحات تثير نوعا من الحساسية من جهة ومن جهة أخرى تجذب إليها فضول المتطلعين لإلقاء النظرة على الشريحة المجتمعية شريحة أصحاب الأخطاء الطبية التي تضررت بسبب مقصود أو غير مقصود لتبقى تعاني طول العمر هذا إن لم يكن الموت لها بالمرصاد. ففي تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي في مقال لمجلة بريطانية مختصة بالشؤون الطبية أشارت إلى أن عددا قد يصل إلى 30.000 شخصا يتوفون سنويا في بريطانيا بسبب أخطاء طبية. ودعت المجلة إلى إعادة النظر في إجراءات السلامة الطبية وإلى مزيد من التدرب للأطباء للتقليل من أخطاءهم والوصول إلى حد أخطاء الطيارين أو عمال المحطات النووية. وأوضح محرر المجلة ريتشارد سميث في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية إلى أن عدد المتضررين سيرتفع إذا ما أضيف إليه من يعانون من عواقب وخيمة من جراء تلك الأخطاء دون أن يصل بهم إلى حد الوفاة موضحا أن تلك النسبة قدرت مقارنة بالنسبة الأمريكية التي يتصل إلى حد مائة ألف شخص هناك يتوفون نتيجة أخطاء يمكن تجاوزها (1). فإذا كان الحق في الحياة وسلامة الجسم من الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان فإن أي فعل مخالف للقانون ولأدبيات وأخلاقيات المهنة يشكل مساسا بهذه الحقوق وبالتالي هو اعتداء على مصلحة يحميها القانون قد ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي يلزم مرتكبه بالتعويض. لنتذكر جميعنا أن السلامة الجسدية والصحية هي تاج على رأس كل واحد منا وحينما نسلم أجسادنا للأطباء نكون قد وضعنا كل ثقتنا فيهم فالزموا الحيطة أيها الأطباء وصونوا أمانة البشر بكل صدق وصحوة ضمير. (1) سيف سالم احذروا أخطاء الأطباء قصص ومقالات لها علاقة ببعض الأخطاء الطبية عن مقال لهيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي بتاريخ 20/03/2000