تغطّي كمّية العسل التي تنتجها ولاية البليدة 60 % من احتياجات السوق الوطنية، ممّا يدلّ على الانتشار الواسع لحرفة النّحالة بين سكان ولاية البليدة المشهورة بغابة الشريعة وبتوفّر مساحات واسعة من مختلف الأزهار. وقال أحد النحّالين الخواص: »أنا أمارس حرفة النّحالة كوني أحبّها ولا أجد راحتي إلاّ عندما أراني أغدو جيئة وذهابا بين صناديق النّحل«. ويرى السيّد حمزاوي محمد نحّال بسيدي مداني ورئيس جمعية مربّيي النّحل بالمتيجة أن ولاية البليدة من الولايات المحظوظة جغرافيا كونها تقع في سهل المتيجة الغني عن التعريف، وكذا قربها من غطاء غابي كثيف (جبال الشريعة) وملاءمة المناخ لممارسة هذا النّشاط فضلا عن قربها من الجامعات ومراكز البحث وميناء العاصمة. أمّا على صعيد التجهيزات، فقد أشار السيّد حمزاوي إلى أن وجود مصنع الشمع بسيدي مداني بالبليدة يعتبر مكسبا مُهما لكلّ من يريد الولوج إلى عالم النّحالة لأنه يوفّر شمعا ذا نوعية جيّدة وطبيعية ويقدّم خدمات لفائدة النحّالين الرّاغبين في تحويل الشمع المتوفّر لديهم إلى صفائح شمعية قابلة للتصفيف في صناديق تربية النّحل مقابل دفع ثمن التحويل فقط. ويرى هذا المهني في مجال تربية النّحلة أن للشمع المستورد وإن كان ذا سعر أقلّ فإنه لا يرقى من حيث مكوّناته إلى مصاف الشمع الطبيعي المنتج محلّيا، والذي يستعمله النحّالون المحترفون كون المستورد يحتوي على مواد بترولية كالبرافين و الملوّنات والعطور الصناعية. من جهة أخرى، يرى المتحدّث أنه رغم المكانة التي تحتلّها و لاية البليدة في مجال تربية النّحل، إلاّ أنه لا يوجد تنظيم للنحّالين من أجل الدفاع عن مصالحهم ودعا إلى إيجاد هيئة وطنية تجمع جمعيات النحّالين ومديرية الفلاحة وغرفة الفلاحة وكلّ من له علاقة بالنّحالة من أجل توسيع دائرة التشاور واقتراح الحلول لمختلف انشغالات مربّي النّحل وكذا جعلها وسيلة اتّصال دائمة في المجال. كما دعا نفس المربّي إلى إيلاء التكوين أهمّية قصوى من أجل مردود أحسن للنحّالين، وذلك عن طريق زيادة الحجم الساعي للتكوين وحتى إنشاء معهد خاصّ بتريية النّحل مثلما هو موجود بالدول الأخرى (كالمعهد العلمي والتقني للنّحلة بفرنسا)، ممّا يسمح للشباب بالحصول على شهادات معترف بها تعطيهم الحقّ في الدّعم دون الحاجة إلى شرط حيازته على عدد معيّن من صناديق النّحل. كما لخّص رئيس جمعية نحّالي المتيجة باقي انشغالات المحالين في مشكل التخزين والتبريد ( بين 14 و20 درجة حتى يحافظ العسل على شكله وقيمته الغذائية) وتوفير مستخلصات النّحل من النّوع الذي بإمكانه حمل 40 صفيحة لفائدة كبار النحّالين الذين يجب تخصيص »دعم يلائم النشاط الضخم الذي يمارسونه«. كما اعتبر من جهة أخرى أن العسل المحلّي »لا يتمّ تشجيعه وهذا لصالح العسل المستورد الذي يتمّ الترويج له على أساس أنه عسل طبيعي«، مؤكّدا أن هناك نوعين من العسل المستورد يعرفان رواجا كبيرا و»هما في الحقيقة ينتجان صناعيا من سكاروز الذرة ثمّ تتمّ معالجتهما بعد ذلك«. وتضمّ جمعية مربّي النّحل بالمتيجة منخرطين مهنيين وجامعيين، كما تربطها علاقات مع جمعيات من الخارج (فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، العربية السعودية، اليمن و سوريا). وهي تعمل -حسب رئيسها - على نقل المعارف والتكنولوجيا إلى الجزائر بفضل التربّصات التي تستفيد منها وكذا عضويتها في اتّحاد النحّالين العرب واتّحاد نحّالي البحر المتوسّط وكذا الفيدرالية العالمية لتربية النّحل (أبيمونديا) . كما تعمل الجمعية مع جامعات الجلفةالبليدة، بومرداس، عنابة ومختلف تعاونيات تربية النّحل على المستوى الوطني. من جهته، اعتبر السيّد مجاجي الطاهر مدير تعاونية تربية النّحل لولاية البليدة الناشطة منذ سنة 1977 في مجالات التكوين والتجهيز في النّحالة أن الجمعية »لعبت دورا كبيرا على المستوى الوطني في المجال بفضل سياسة التكوين التي تتبعها. والتي استفاد منها مئات المتربّصين من مختلف مناطق الوطن، لا سيّما الجنوب الذي بدأ يتطوّر به إنتاج عسل السدرة ذي النّوعية الرفيعة«.