** زوجي مريض بالفشل الكلوي -عافاكم الله- وهو محجوز الآن بالمستشفى لإجراء عملية نقل كلى، وقررت أن أتبرع بكليتي لزوجي، ولكن عند إجراء الفحوص الطبية والتحاليل لمعرفة ما إذا كان يصلح نقل كليتي لزوجي أم لا، تبين أنه لا يمكن نقل الكلية بسبب الاختلاف في فصيلة الدم، وما حدث معي حدث أيضا مع مريض آخر جاء لنفس السبب، فقد جاءت أخته للتبرع له بكليتها، ولكن التحاليل لم تتوافق مع أخيها، ولكن من خلال هذه الفحوص والتحاليل تبين أن بإمكاني أن أتبرع لهذا المريض ويمكن لأخته أن تتبرع لزوجي فهل يمكن أن أتبرع لهذا المريض بكليتي بشرط أن تتبرع أختُه لزوجي بكليتها، مع العلم أنها مستعدة لذلك كي تنقذ أخاها وأنا على أتم استعداد أيضا كي أنقذ زوجي؟ فهل في ذلك حرج شرعي؟ * يقول الشيخ عصام الشعار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مجيباً عن هذا السؤال: بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد·· فالذي عليه جماهير أهل العلم هو أنه يجوز التبرع بالكلية إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وقرر الأطباء أنه لا خطر على صاحبها في نزعها منه، وأنها صالحة لمن نُزعت من أجله· ونقل العضو بضوابطه وشروطه -التي سوف نبينها لاحقا- جائز ولكن بشرط أن يكون ذلك على سبيل التبرع، أما الذي يحرم فهو أن تكون أعضاء الإنسان سلعة تباع وتشترى· وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي حيث نص على أن الاتفاق على جواز نقل العضو مشروط بألا يتم ذلك بواسطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما· أما بذل المال من المستفيد ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً فمحل اجتهاد ونظر· وبناء على ما سبق نقول إن الذي ورد في سؤال الأخت السائلة لم يخرج عن دائرة الجواز، فالصورة المذكورة في السؤال لم تخرج عن دائرة التبرع، من أجل أن ينقذ كل منكما صاحبه، والشرط المذكور في السؤال لم يخرج الأمر عن كونه تبرعا من أجل إنقاذ حياة مريض تتوقف على نقل الكلية إليه· ونسوق إليك قرار مجمع الفقه الإسلامي للوقوف على الجائز والممنوع في مسألة التبرع بالأعضاء· فقد صدر عن المجمع الفقهي بمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار بهذا الخصوص، في دورته المنعقدة بتاريخ 18 جمادى الآخرة 1408 ه، الموافق 6 فيفري 1988 م بعد الاطلاع على الأبحاث المقدمة، وإليك نص القرار: أولا: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب أو لإزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياَّ أو عضوياً· ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضوُ يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة· ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية· رابعاً: يُحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر· خامساً: يُحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها كنقل قرنية العينين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءًا من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة· سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة وليّ المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له· سابعاً: وينبغي ملاحظة أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تمَّ بيانُها، مشروط بألا يتم ذلك بواسطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما· أما بذل المال من المستفيد ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً فمحل اجتهاد ونظر· ثامناً: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة مما يدخل في أصل الموضوع فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة على ضوء المعطيات الطبية الشرعية· والله أعلم· * إن الذي ورد في سؤال الأخت السائلة لم يخرج عن دائرة الجواز، فالصورة المذكورة في السؤال لم تخرج عن دائرة التبرع، من أجل أن ينقذ كل منكما صاحبه، والشرط المذكور في السؤال لم يخرج الأمر عن كونه تبرعا من أجل إنقاذ حياة مريض تتوقف على نقل الكلية إليه·