يؤكّد العديد من المواطنين أن إجراء التحاليل الطبية حاليا أصبح يتطلب إهدار الكثير من الأموال، بحيث قد يستدعي الأمر إعادة التحاليل مرتين أو ثلاثا وفي مختبرات مختلفة للتأكد من النتيجة، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة المال بسبب تضارب نتائج التحاليل الطبية بين المختبرات أو أخطاء النتائج في بعضها، ما يؤدي إلى تشخيص خاطئ قد ينجم عنه تدهور الحالة الصحية أو الوفاة في أعقد الحالات. توصف التحاليل الطبية بكونها نصف التشخيص أحيانا، بل أن من الأطباء من يصفها بأنها كل التشخيص، إذ يعتمد عليها لوصف العلاج الناجع، ولكن ماذا يحدث إذا كان فيه تضاربا في نتائج تحاليل الدم بين مختبر وآخر بسبب خطأ ما؟ هذا السؤال يفرض نفسه لأننا سمعنا كثيرا بأن أطباء أخطأوا في وصف العلاجات الصحيحة لمرضاهم، لكننا نادرا ما نسمع بأن هذا الطبيب أو ذاك أخطأ لأن نتائج تحاليل الدم لم تكن سليمة! تغيير في الأسماء وأخطاء في النتيجة والتشخيص! تحدثت ''المساء'' مع بعض المواطنين الذين أكّد بعضهم أمر وقوعهم بأنفسهم أو ذويهم ضحايا لأخطاء المختبرات الطبية، إذ كشفت إحدى المواطنات أنه سبق لها وأن كانت ضحية خطأ لمختبر طبي، فقد طلب منها الطبيب إجراء بعض الفحوصات والتحاليل المخبرية بسبب إصابتها بالدوخة والغثيان، وأجرت التحاليل المطلوبة وبعد أن استلمت النتيجة ذهبت إلى طبيبها المعالج لتعرض عليه التقرير ونتيجة التحاليل، وأكّدت أنه ما أن اطلع الطبيب على النتائج حتى شكّك في كونها صحيحة أو أن تكون خاصة بها، مؤكداً وقوع التباس ما أو خطأ، وطلب منها إعادة التحاليل مباشرة مع تغيير المختبر، ولكن المواطنة أخذت التقرير والنتيجة إلى ذات المختبر طالبة توضيحا في الأمر فتبيّن أن هناك مريضة أخرى تحمل نفس الاسم فحصل خلط وتبادل في النتائج! من جهته، قال مواطن آخر إنه يشكو من ارتفاع الضغط الشرياني المزمن، وقد طلب منه طبيبه مرة إجراء تحاليل دم بعد شكه في حالته الصحية لمعرفة معدل الكولسترول يقول: ''بعد أن أجريتها في أحد المختبرات واستلمت النتيجة أعطيتها للطبيب فتعجب ولم يصدق ما قرأه بعد أن شاهد انخفاض نسبة الكولسترول، فسألني إذا تناولت فطوري قبل عملية سحب الدم فأجبته بنعم، عندئذ طلب مني إعادة التحاليل من جديد في مختبر آخر، مؤكدا عليّ أن أذهب وأنا صائم تفاديا لأي أخطاء قد يرتكبها الممرض الذي يسحب الدم. كذلك قالت مواطنة أخرى إنه سبق لها وأن وقعت في فخ خطأ التحاليل إذ تقول: ''كنت حاملا في شهري الخامس وطلبت مني الطبيبة المعالجة أن أجري تحاليل دم بعد شكها في وجود ميكروب، بعد ظهور النتائج وخضوعي للعلاج الموافق لتلك النتيجة لشهر كامل، ظهر أن العلاج لم يجد نفعا وبقيت النتائج دائما سلبية، ولكني لم أتوقع أن يكون السبب هو خطأ التحاليل إلا بعد أن اقترحت عليّ أختي التي تدرس الطب أن أغيّر المختبر وبالفعل كانت نتيجة التحاليل الثانية مغايرة تماما وعلى إثرها غيّرت الطبيبة العلاج وتحسنت حالتي''. وتواصل المتحدثة ساردة علينا حادثة مماثلة وقعت لوالدها المصاب بداء السكري والذي تؤكد بشأنه أنه يولي صحته إهتماما بالغا ويعتني بغذائه ولم يسبق وأن اشتكى من مرضه الذي يتعايش معه تماما، ومرة أراد الاطمئنان على صحته بإجراء تحاليل لمعرفة نسبة السكري هل هي مستقرة أم لا، ''وليته لم يفعل -تقول المتحدثة- فالنتيجة كانت مقلقة، إذ أظهرت ارتفاع نسبة السكري ما أثر على حالة والدي الذي انتابته حالة قلق شديدة ولحسن الحظ أنه تفطن لأمر إجراء تحاليل ثانية في مختبر آخر وكانت النتيجة مغايرة تماما للأولى''. كذلك يقول مواطن إنه تعرض لأزمة صحية فطلب منه طبيبه إجراء تحاليل التي أظهرت أنه مصاب بالقرحة المعدية وظل يأخذ أدوية على هذا الأساس لقرابة الشهر، ولكن شعوره المستمر بالألم جعله يقصد طبيبا آخر الذي طلب منه إجراء تحاليل أخرى التي أظهرت نتائجها إصابته بالمرارة.. ''وهو ما يعنى أن كل الفترة السابقة كنت أعالج خطأ بناء على التحاليل الأولى الخاطئة'' يستغرب المتحدث! أما مواطنة أخرى، فأوضحت لنا أنها توجّهت بابنها البالغ 13 سنة إلى الطبيب المعالج بعد إصفرار وجهه وفقدان شهيته للطعام بالرغم من أنه يشكو الحساسية فقط، فطلب الدكتور إجراء عدة تحاليل دم فتوجهت لأقرب مختبر تحاليل وبعد أن تسلمت النتيجة وأخذتها للطبيب المعالج تغيّر وجهه بعد أن قرأ نتيجة التحاليل، وبسرعة طلب مني على وجه السرعة إعادة التحليل مرة أخرى في مختبر آخر فتوجهت بطفلي على الفور لمختبر ثان وأعدت التحاليل التي تطلبت مني 3 آلاف دينار أخرى، وتبيّن أن نتائجها مختلفة تماما عن التحاليل الأولى، بحيث أكّدت التحاليل الأولى إصابة ابني بسرطان الدم، بينما النتيجة الثانية أظهرت وجود أنيميا بالدم والفرق شاسع بين الإصابتين، ''ولم أهنأ إلاّ بعد إصراري على إجراء تحاليل ثالثة لطفلي في مختبر ثالث ليؤكد النتيجة الثانية'' تكشف المتحدثة. الأخطاء واردة نتيجة قلة خبرة العاملين! أخطاء نتائج التحاليل الطبية وتضاربها بين المختبرات قد تكون كارثة لأنها قد تكون سببا في وفاة المريض أو قد تؤدي إلى بتر أحد أعضائه وتعتبر تماما مثل الأخطاء الطبية أو أسوأ بكثير.. وقد يكون السبب وراء هذه الأخطاء إهمال صيانة الأجهزة وتشغيل بعض المتخرجين الجدد وهم غير متخصصين في هذا المجال بحسب طبيب عام من المؤسسة الاستشفائية العمومية للرويبة شرق العاصمة حدثنا في الموضوع معترفا بالقول: ''لا يمكن لأي مختبر أن يعترف لكم بحقيقة وجود أخطاء في تحاليله لأن ذلك سيضرب مصداقيته، ولكن يمكن الجزم عموما أن عدم توافق نتائج التحاليل بين المختبرات المختلفة يرجع إلى عدة أسباب أهمها انتهاء العمر الافتراضي لبعض الأجهزة أو تاريخ صلاحية الكواشف التي تستخدم في التحاليل وهي مواد كيماوية تتعرض للتلف تماما مثل المواد الغذائية، والوارد أن تحصل الأخطاء في جميع المختبرات ولكنها غير متعمدة وقد تكون بعض الأخطاء نتيجة قلة خبرة العاملين في المختبرات، وقد يكون السبب المواد الداخلة في التحليل نتيجة ارتفاع أسعارها في السوق لذا يقوم صاحب المختبر بتقليل النسب المضافة لإجراء التحاليل''. كذلك، فإن بعض المعامل تعتمد على كتابة نوع التحاليل يدويا، مما قد يؤدى إلى وجود أخطاء أو نتائج مغايرة، أو أن تسحب العيّنة بطريقة خاطئة أو عدم كتابة إسم المريض بشكل سليم أو كتابة إسم مريض على عيّنة مريض آخر وهي كلها أشياء يجب الانتباه إليها بجانب ضرورة المتابعة الدقيقة وتطبيق مقاييس الجودة على كافة المعامل. كما قد يعود السبب إلى فساد عينات الدم، فالدم بعد أن يسحب من المريض يجب أن يوضع على آلة خاصة هي آلة الفصل ومن بعدها يتم وضعه في البراد، ولدينا وقت من ساعة إلى ثلاث ساعات لإجراء عملية الفصل من بعد هذه المدة يصبح الدم غير صالح تماما لإجراء أي نوع من أنواع التحاليل. ويجزم المتحدث بعدم وجود مختبر متكامل لإجراء كل التحليلات عدا مختبرات المستشفيات الجامعية، ''لأن التحليلات المختبرية قد تشعبت كثيرا في السنين الأخيرة إلى عدد كبير ونوعيات مختلفة ولا يمكن لأي طبيب أو كيماوي أن يلم بها جميعا''.