امتثالا وتنفيذا لأمر الله جل وعلا ظل النبي – صلوات الله عليه – والمسلمون جميعا يتوجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى لمدة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا لكن كان النبي في قلبه أمنية كبيرة تراوده يقول البراء بن عازب: وكان يحب أن يوجّه إلى الكعبة - رواه البخاري. وعندما أوحى الله تعالى إلى نبيه بتحويل القبلة وصلى مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قوم فخرج رجل ممن صلوا معه ومر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت . فمن هو هذا الصحابي الجليل الذي أخبر الناس بتحويل القبلة؟ ذكر أبو عمر في التمهيد عن نويلة بنت أسلم وكانت من المبايعات قالت: كنا في صلاة الظهر فأقبل عباد بن بشر بن قيظي فقال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد استقبل القبلة أو قال: البيت الحرام فتحول الرجال مكان النساء وتحول النساء مكان الرجال وقيل أن الآية نزلت في غير صلاة وهو الأكثر وكان أول صلاة إلى الكعبة العصر والله أعلم- وفقا لما جاء في تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن). عباد بن بشر .. هو صحابي جليل من الأنصار أسلم على يد مصعب بن عمير وكان من الذين شهدوا مع النبي – صلوات الله عليه – كل الغزوات واستعمله النبي – عليه الصلاة والسلام – على صدقات مزينة وبني سليم وجعله على حرسه في غزوة تبوك. كما شارك بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – في حروب الردة وتوفاه الله في معركة اليمامة وهو بعمر خمسة وأربعين عاما وكان شجاعا أبلى فيها بلاء حسنا وفقا لما جاء في (سير أعلام النبلاء) للحافظ الذهبي. قالت عنه السيدة عائشة – رضي الله عنها -: (ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا كلهم من بني عبد الأشهل سعد بن معاذ وعباد بن بشر وأسيد بن حضير). وقالت أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – أيضا: (تهجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بيتي فسمع صوت عباد بن بشر فقال: يا عائشة هذا صوت عباد بن بشر قلت: نعم قال: (اللهم اغفر له).