عمي بوجمعة من النوع الصعب الذي تربى على العادات والتقاليد فهو كان لا يرحم زوجته وأبنائه لما يدوُسون على كل ما هو تقليدي ويستبدلونه بالحديث المتطور شعاره كان ومازال الجديد حبو والقديم ما تفرط فيه لكن دوام الحال من المُحال ففي السنوات الأخيرة أصبح عمي بوجمعة الرجل الشهير بالمُحافظة على الأصالة هو من يبحث عن المُعاصرة والتطور خاصة بعد وفاة خالتي حليمة زوجته التي رافقته في هذه الحياة لمدة 40 سنة ففي العام الماضي مرضت خالتي حليمة مرضا شديدا أقعدها الفراش لمدة ثلاثة أشهر تُوفت بعدها حزن الجميع عليها وخاصة زوجها رفيق دربها فهي من كانت تُلبي طلباته وترضخ لأوامره التعسفية تُحضر له كل المأكولات التقليدية وتصنعها بيديها فقد كان مُحرما عليها شراء الكُسكسي من البقال و البركوكس أو العيش وكل ما يتعلق بالماضي الجميل الذي يُذكره بأُمه وطبخها اللذيذ فهو الآن وحيد ولا أحد سيتحمل طُغيانه باعتبار أن كل أولاده وبناته مُتزوجون ومُنتشرون في مُختلف مناطق الجزائر لذا فقد اضطر بعد مُرور سنة على وفاة شريكة حياته إلى الزواج مرة ثانية بأربعينية لم يسبق لها الزواج ومن هُنا بدأت حكاية جديدة في حياة عمي بوجمعة الرجل الشهم المُتسلط صاحب النبرة القوية والرأي الصارم فالرجل بعد فترة من دخوله عُش الزوجية تغير مائة درجة أصبح رياضي يستيقظ صباحا يجري في الغابة ويلبس ملابس رياضية وجديدة بعدما قلع القشابية والعمامة يأكل في المطاعم وهو الذي لم يدخلها قط وبين الفينة والأُخرى يخرج للتنزه مع المرأة الجديدة بعدما منع خالتي فاطمة من النافذة والشارع إلا للضرورات القُصوى فخالتي فاطمة لم تخرج إلا مرتين يوم زواجها وانتقالها إلى بيت الزوجية ويوم وفاتها وذهابها إلى حياتها الأبدية. في ذلك اليوم المُشمس الذي قرر فيه عمي بُوجمعة اصطحاب الزوجة الجديدة في نُزهة وفي طريق العودة إلى البيت توقف عند بائع الكسرة وطلب منه إعطاءه ثلاثة أقراص من المطلوع وأخذها إلى بيته وتذكر وقتها خالتي حليمة وأيامها بكى عليها لأول مرة فعمي بُوجمعة لم يعد يجد كل ما يتمناه مع هذه الزوجة تنهد تنهيدة ونام على مقولة ليس كل ما يتمناه المرء يجده . ففي الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بيع الكسرة بمُختلف أنواعها في كل المُدن الجزائرية النائية والمُتقدمة لدرجة أن نساء اليوم أصبحن يُفضلن الكسرة المصنوعة من يد الغير على صنعة أيديهن لذا نجد ذلك الكم الهائل من المُّشترين من الجنسين وهم ينتظرون أدوارهم عند بائعي الكسرة بائعون تجدهم يعجنون ويطهون على طواجين تقليدية كل أنواع الكسرة اللذيذة لدرجة عدم التفريق بينها وبين تلك المصنوعة في البيت فهل عزوفنا نحن معشر النساء عن أداء واجبنا الأسري والبيتي هو السبب أم أن عملنا خارج البيت ومُكوثنا ساعات في العمل هو الذي دفع هؤلاء إلى إمتهان هذه التجارة على كل حال مهما يكن السبب إلا أن المرأة تبقى مرأة مهما علا شأنها وكثُرت واجباتها خارج إطار الأسرة ولا أعتقد أن هذه الظاهرة صحية فلا يُوجد أفضل مما تصنعه يديك وأمام مرأى عينيك لتجنب الأمراض والعلل لذا نصيحة مني إليك سيدي الرجل أن تأكل مما تصنعه يد زوجتك وبناتك ولكي لا تقع في مأزق لم لا تتعلم الحرفة وتُنقذ نفسك عند الضرورات فليس دائما رفيقة الحياة بجانبك وعمي بُوجمعة مثال على ذلك وأنت سيدتي ورفيقتي حواء عوض التعليقات والسُخرية من هؤلاء واعتبار كسرتهم مالحة أو مسُوسة قليلة العجن و..ووو حاولي أن تجدي لنفسك فٌرصة وتخبزي لعائلتك حتى لا تشتري وتأكل من أيادي الغير نساء ورجالا ولا أدري إن كُنتن ترين في شراء الكسرة فخر وشيء عادي أم عيب وعار طبعا تتفاوت الآراء ولكل واحدة حُججُها وبراهينها لكن نُؤكد أن المرأة تبقى جنسا أُنثويا له واجباته كما حُقٌوقه.