صحيح أنّ امتحان البكالوريا يعتبر مرحلة صعبة، بل ومصيرية في حياة التلميذ، ولكن قد يدفع الهوس بعض الاسر إلى الإبتعاد عن الطريق الصحيح في تشجيع ودعم، ومساعدة أبنائها على تخطي هذه العقبة بنجاح، فتذهب إلى بعض الممارسات الغريبة العجيبة، تكاد تقترب من الكفر، وكل ذلك، لطرد النحس، والعين، وسوء الحظ، والتابعة، وكلُ مصطلح مشبوه. مصطفى مهدي من المفروض في أمتنا المسلمة أن يستعين العبد بالله تعالى في كلّ أمور حياته، وأن يتضرع له، ويدعوه، بل ويستخيره فيما يعترضه من عقبات، وهو ما تفعله بعض الأسر التي، وبالإضافة إلى ما قدمته لأبنائها، بداية بالتربية الحسنة، ثمّ بالدّعم والتشجيع والدفع إلى الأمام، فإنها راحت تتضرع إلى الله لكي ينجح أبناؤها في نيل شهادة البكالوريا، حتى أنّ الكثيرين راحوا يصّلون صلاة الاستخارة والنوافل، مثل عائلة سعيدي، التي أعطت إبنها رضوان كلّ الإمكانيات لكي ينجح، ولم تكتف بهذا، بل أدركت أنّها وإن حاولت قدر المستطاع أن تكمل واجبها، إلاّ أن كلّ شيء بيد الله، وهي العائلة المؤمنة، فراحت الأم تكثر من صلوتها، والأب من دعواته، وتردده على المسجد، ويقول رضوان: "كلّ هذا سيزيدني إصرارا وثقة بالنفس، فكلّ تلك التشجيعات ستدفعني إلى الأمام، وستجعلني، وكلما تكاسلت أو شعرت بالتعب والإعياء، إلاّ وتذكرت أسرتي، وأقاربي". هذا بالنسبة لبعض العائلات، بينما عائلات أخرى حادت، أو تكاد تحيد عن الطريق السليم، فراحت تفعل كلّ شيء من أجل طرد العين، أو ما حسبت أنّ بإمكانه أن يطرد العين عن أبنائها، ولقد إشتكى لنا الصادق، وهو تلميذ مقبل على إمتحان ا لبكالوريا، اشتكى لنا من ممارسات أسرته، التي وبنية حسنة، راحت تستعمل بعض الطرق العجيبة في طرد النحس عنه، وذلك قبل أسبوع من الإمتحان وحتى اليوم الأخير، بل إن تلك الطقوس سترافقه طيلة الأيّام الثلاثة للإمتحان، ويحكي عن ذلك، يقول: "منذ أسبوع تقريبا، وأمي تحرق في الجاوي، وتقول أنها يطرد النحس، فلم أمانع، وعلقت على صدري "خامسة" فلم أقل شيئا، وقادتني في إحدى المرّات إلى الولي بومدين، بعد أن أوهمتني أننا سنزور بيت عمي، وإذا بها تعرج بي إلى الضريح، فلم أشأ أن أقف ضدّ رغبتها، ولكنّ الأمر وصل بها إلى أن أضع تحت وسادتي حجابا، لا أدري من اين جلبته، وليته كان يحتوي على كلمات الله، أو قرآن، بل كلمات غير مفهمومة، لا أدري ما هي، وعندما سألتها عنها، قالت أنها تدرك ما تفعل، لكني صراحة أشك في ذلك". رتيبة من جهتها قال تحكي ما فعلته والدتها وجدتها وهما تحاولان أن تطردا عنها النحس: "منذ أن اقترب الإمتحان، تغيّرت حالة والدتي، حيث صارت تطلب مني أن أفعل أشياء غريبة عجيبة، مثل أ ن نزور إحدى النسوة اللائي عُرفن بسحرهنّ، في الحقيقة لا أستطيع أن أجزم بذلك، ولم أكن أعلم أنّ والدتي تزور المشعوذين، أو شيئا من ذلك، ولكن ما رأيته جعلني أستغرب، وأتعذر لأمي بأنّ خوفها عليّ وعلى مصيري جعلها تفعل ما فعلت، وهي التي أمضت حياة قاسية، ليس المجال ولا الوقت كافيان لسردها". وعندما عدنا بسامية إلى تلك الأجواء، ترددت وكأنها إستعادتها في ذاكرتها، قبل أن تقول: "ذهبنا عند تلك المرأة، وبعدما رأتني وقرأت أمام أشياء لم أفهمها، وصفت لأمي خلطة من الحناء، ومواد أخرى لم اسمع بها قبلا، ومشروبا غريبا، وطلبت منها أن تضعها لي ما إن نصل إلى المنزل، ولكني رفضت أن أضعها على كفي، واعتذرت بلطف، وأوهمتها بأنني سأشرب ليلة الامتحان ذلك المشروب حتى لا أغضبها، ولكنني لن أفعل، ولكن المشكلة أنها تنوي أن تفعل ذلك في ليلة كلّ امتحان، أي طيلة الأيام الثلاثة من الإمتحان".