لا زال الشباب البطال، أو الذي ليس له عمل إلاّ البيع الفوضوي، يريد أن يحتل ساحة زوج عيون، خاصّة بعدما تمّ منعهم الأسبوع الماضي من مزاولة نشاطهم، ولكن الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام هو احتلال المكان من طرف بعض باعة الهواتف النقالة، وبعض الخردوات، والذين قدم بعضهم من "دلالة" ساحة الساعات الثلاث· مصطفى مهدي بعد الكر والفر بين قوات الشرطة التي منعت الباعة الفوضويين من احتلال ساحة الشهداء، راح بعض الشباب، يحول جزءا من الساحة إلى دلالة لبيع "الهواتف النقالة" وهو الأمر الذي أزعج بعض السكان، وطرح الكثير من علامات الاستفهام، بين الشباب الذين لا يزالون يحاولون العودة إلى أماكنهم مرّة أخرى للبيع، خاصّة وأنّ قرارات السلطات المعنية متذبذبة، وأحيانا أكثر فوضوية منهم، خاصّة وأن الشباب الذين يبيعون الهواتف النقالة راحوا يمارسون تجارتهم بشكل عادي، وبعضهم جاء من باب الواد ليفعل، بعد أن طردوا من ساحة الحديقة، ولقد انزعج السكان من الأمر، تقول لنا صفية: "أن يتركوا الساحة سوقا عامة كان خيرا من أن يفرغوها، ويتركوا بعض الشباب الذين يقفون على قارعة الطريق، وهو الأمر الذي يزعجني في خروجي من البيت والعودة إليه، وحتى شرفة بيتنا تطل على الساحة، فأقابل هؤلاء الشباب، بعضهم يكتفي بالبيع، وآخرون ينظرون إلى شرفات البيوت، دون حياء"· السعيد من جهته قال: "لم نفهم لمَ يطرد باعة الملابس، ويترك باعة الخردوات، وما الحكمة في ذلك؟ في رأيي لا بد أن تحارب تلك الأسواق الفوضوية، ولكن ليس بقرارات فوضوية، وإنما بسياسة محددة تعتمد على توفير البدائل، وهو الأمر الذي يطالب به كل السكان، وحتى هؤلاء الشباب مستعدون للعمل، إذا تم توظيفهم في شركات محترمة، فلم لا يتم ذلك؟" ولقد اقتربنا من بعض هؤلاء الشباب، ومنهم حكيم، والذي كان يبيع هواتف نقّالة مُعطلة! قال: "لقد جئت من باب الواد بعد أن تمّ طردي، ووضعت سلعتي هنا، ولا أدري لم طردت من هناك، ولم أعمل هنا، لكن ما أنا متأكد منه، هو أنني أحتاج إلى العمل، وفي أي مكان، فأنا أب لفتاة تبلغ السنتين من العمر، ويجب عليّ أن أعيلها، وبأي طريقة"، من جهته ندير قال: "أنا أبيع في العادة ملابس نسوية، ولا أزال أملك سلعة لم أبعها في البيت، ولكني مُنعت من العمل، وها هي الساحة صارت فارغة، بعد أن كنت، ومنذ أسبوع فقط، مليئة عن آخرها، فهل لأننا لم نخرب ولم نكسّر؟ أطرح السؤال على كل المسؤولين الذين لا يفكرون في معاناتنا، والذين يعتبروننا جرثومة يجب استئصالها، لمَ لا يبحثوا عن حلول منطقية للمشكل ويوظفوننا كباقي البشر؟ أنا كنت أبيع الملابس، وصرت اليوم أبيع الخردوات، التي حصلت عليها من هنا ومن هناك، وبينها أشيائي الخاصّة ها أنا أضطر إلى بيعها، فما باليد حيلة"· سيد علي، شاب توقف عن العمل، وهو الذي كان يبيع ملابس نسوية، ولكنه طرد من الساحة الأسبوع الماضي، ولم يسمح له أن يضع سلعته مع باعة الهواتف النقالة، وهو الأمر الذي جعله يتساءل: "حتى في البيع الفوضوي هناك معارف؟ أتوجه إلى المسؤولين من أعلى مستوى وأسألهم إن كانوا على علم بما يحدث لنا؟ صحيح أنّ البيع الفوضوي مخالف للقانون، ولكن يكون ذلك على الجميع، وأنا تتوّفر فيّ كلّ الشروط، أسكن هنا، وأبيع منذ سنوات، فكيف لا يسمح لي بالعمل، ويسمح لغيري، نحن لا نخرب، ولا نكسّر، نريد فقط أن نعمل، أليس هذا من حقنا؟ وإن استمرت الأمور على هذا الشكل، لا أدري ماذا يمكن أن يحدث، فنحكم العقل في قضايا مصيرية مثل هذه"·