كثر الحديث واللغط ويسود الآن جدالا ربما يمكن أن نصفه بغير البريء حول مهنة المتاعب وقصد الصحفي بصفة خاصة ليس فقط لأنه ينقل بشفافية حسب ما أتيح له وما تمكن منه على قدر معرفته الحقائق بصفته ضمير الأمة وكونه مرآة صداقة لعصره ودهره، ولكن لأنه الظهر الوطء الذي يحاول كل من هبّ ودبّ ركوبه بحجج واهية أقل ما يقال عنها أنها استباقا لتخويف كل صحفي شريف يحافظ على شرف المهنة ويؤدي واجبه بكل تفان وشفافية وحيادية وموضوعية، ليس له من هدف شخصي ضيق ولكن خدمة للرأي العام المحلي وللحقيقة دون سواها··؟ ومثل هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا من الصحفي مجرما يحكمه قانون العقوبات وأولئك الذين يستبدلوها بالغرامات المالية، وصولا وتمنيا منهم إلى كبح جماح قلم أهل الصنعة من أصحاب مهنة المتاعب، وكأن الصحافة ورجالها أصبحوا غولا يتربص بهم ويقظ مضاجعهم ويفسد عليهم أحلامهم وما يخططون ··! إن مهنة الصحافة هي وظيفة تجمع بين الكثير من المهن، فالصحفي المحترف هو اجتماعي ورجل ثقافية وسياحة، وتربية ودين، ورجل سياسة أيضا، له في كل عرس قرص، يدل بدلوه في كل شيء يخوض مع هؤلاء وأولئك، ولكن بشرط ألا يسيء لأحد سواء كانوا شخصيات عامة في الدولة أو أناسا عاديين، بمعنى لا يكتب إلا بدليل واضح بين، وإلا فإنه تعتبر إساءة منه وتعد على الخصوصيات الفردية والجماعية· وهنا بيت القصيد من يعاقب ومن يشرف على عقاب الصحفي حين يخطئ خطأ متعمدا ويكون الضرر بيّنا يتعدى المعايير المسموح بها عالميا حسب تقاليد المهنة، وهذا حين يصبح الخطأ المرتكب لا يفيد معه حق الرد··؟ في رأيي المتواضع أن الأمر هنا يوكل إلى اللجنة التأديبية على مستوى المجلس الأعلى للصحافة، الذي في إمكانه أن يسلط العقوبة اللازمة والقانونية على الصحفي وعلى الجريدة التي نشرت المقال أو الصورة أو الكاريكاتير، بحيث يمكن لها أن توقف الصحفي المعني بصفة مؤقتة أو دائمة أو أن تغرمه وتغرم الصحيفة التي يعمل عندها، ويمكن أن يتخذ إجراء ردعي بتوقيف الجريدة لمدة أسبوع أو أسبوعين مع الغرامة للمتضرر، وهذا كله بعيدا عن محاكمة وحبس الصحفي وفق قانون العقوبات أو تغريمه شخصيا مما لا يطيق ماليا··؟ هذا هو الحل الأسلم الذي يشرف الصحفي ويليق بمقامه، ويكون من الأفضل إذا تعاون ونسق هذا المجلس المنتخب بشفافية ونزاهة، مع نقابة مستقلة حرة تمثل كل الصحفيين··؟!