راحت اغلب العائلات في السنوات الأخيرة تعتمد على قاعات الحفلات في إقامة أعراسها مما اوجب إلحاقها على وجه ملزم بفرق الديجي، وأضحى حضوره تحصيلا حاصلا بما يفرضه اتساع القاعة،خاصة وان الاعتماد على الآلات التقليدية التي ذاع صيتها منذ أمد بعيد في الأعراس الجزائرية اضمحلت مع مرور السنوات على غرار الدف والدربوكة، ولم يعد لهما مجالا واسعا في كامل الأعراس بالنظر إلى عدم توافق تلك الآلات التقليدية مع المساحة الواسعة لقاعة الحفلات التي تستلزم حضور مكبرات الصوت لكي تملا الموسيقي كافة أرجاء القاعة. إلا أن المشكل وما فيه أن الكثير من الفرق لا تلتزم بالأغاني المهذبة مما جعل العائلات تطالب بضرورة الالتزام بالأغاني التي تحفظ الآداب العامة والابتعاد عن الأغاني المتداولة بمجالس السوء وكذا الملاهي الليلية، بل هناك من العائلات من صارت تلجأ إلى بعض الفرق المتخصصة في الأغاني الدينية التي تقودها نسوة لكي تُحفظ حدود الاحترام وحشمة المدعويين وكذا حرمة العائلات. وصارت تلك الفرق المتخصصة في الأغاني الدينية أكثر طلبا في الأعراس الجزائرية سيما وأنها تنتقي الأغاني المهذبة وتبرمجها في أمسية العرس ويقدر ما تمتاز تلك الأغاني بكلماتها المهذبة بقدر ما تتمتع بريتمها الخفيف الذي يتفاعل معه اغلب المدعويين، ومن العائلات من راحت تتجرد عن بعض الأغاني الماجنة واستبدلتها ببعض الطبوع التقليدية كالطابع السطايفي والقبائلي والشاوي الذي يجده الكل أن أغانيه أفضل وأنظف من غيرها من الأنواع. في هذا الصدد اقتربنا من بعض المواطنين من اجل رصد آرائهم سيما مع افتتاح موسم الأفراح، قالت السيدة سمية انه بالفعل ما هو جاري ببعض الأعراس يندى له الجبين، بعد أن انقلبت وتحولت الأعراس الجزائرية التي كان يضرب بها المثل إلى مجالس للسوء بسبب ما تفشى فيها من آفات، فمن اللبس الخليع الذي يظهر كامل الجسد دون أدنى مبالاة بالخطورة التي تتربص ببعض الفتيات وإمكانية التقاط صور لهن وهم على تلك الهيأة الفاضحة، إلى الأغاني والرقص الماجن الذي يختم بالألعاب الضوئية، إلى درجة يتصور للمرء انه بملهى ليلي ، ويكون اقرب منه إلى عرس عائلي محترم، ورأت أن السبب الرئيسي هو عدم الانتقاء الجيد لفرق الديجي الذي رأته انه هو رأس المشكل في كل ذلك، لتضيف أن اغلب أقاربها ذهبوا في الآونة الأخيرة إلى اختيار الفرق الدينية التي تنتقي الأغاني المهذبة وفي نفس الوقت تخلق بهجة وحيوية في العرس بتلك الأغاني الإيقاعية. أما سيدة أخرى فقالت أنها تنتقد بعض الفرق، وأنها شخصيا في عرس ابنها أول ما فعلته هو ذهابها لقائد الفرقة وأخبرته بالابتعاد عن الأغاني الماجنة وطلبت منه أن يكتفي بالأغاني العاصمية وكذا القبائلية والشاوية كونها تراها انسب وأفضل من غيرها من الأنواع الأخرى التي تخدش حياء السامعين ولا تليق البتة بالأعراس المحترمة. و يتحجج بعض فرق الديجي أن الأغنية المطلوبة في الوقت الحالي هي الأغنية الريتمية مما فرض عليهم الاهتمام بالريتم على حساب الكلمات، ويهملون بذلك نص الكلمات، كما أن حيوية الأعراس تكون باختيار الأغاني الخفيفة وكذا أغاني اللايف، وان هم ابتعدوا عن ذلك فسوف لن يبرح المدعوون أماكنهم ولا يتفاعلون معهم. وبالنظر إلى المشاكل التي يتخبطون فيها هم كذلك راحوا مؤخرا إلى اعتماد الأغاني الرياضية التي أراحتهم قليلا وحفظت رغبات الكل، لكن العثرة الأخيرة التي تعثرها الخضر سوف تقلب الموازين دون شك.