مزيد من الوفيات والإصابات في صفوفهم أفراد الأطقم الطبية في مرمى نيران كورونا تتصدر الأطقم الطبية خط الدفاع الأول في مواجهة الأوبئة والجوائح على غرار جائحة كورونا التي تتعدد مآسيها وأحزانها على المنتمين للقطاع ودق المختصون ناقوس الخطر بخصوص العدد الهائل لحالات العدوى وسط مهنيي السلك الطبي في الجزائر والتي بلغت استنادا إلى معطيات حديثة من وزارة الصحة أزيد من 8000 إصابة وأكثر من 100 وفاة علماً أن المصابين لا يمكنهم مزاولة عملهم مما يشكل إرهاقاً وضغطاً كبيراً آخر على العديد من المصالح لمواجهة الوضع الصحي الراهن الذي يحتاج إلى المزيد من الكوادر الطبية . نسيمة خباجة في أوقات الكوارث والأوبئة والجوائح وتتعطل المدارس والجامعات وتعلن الدول حظر التجوال تتوقف حركة الطيران والسفر ويحدث ركود في الأسواق وتتعالى صيحات التحذير الزم بيتك.. واحمِ نفسك صيحات قد تصلح مع البعض ولكنها لا تصلح للعاملين في القطاع الصحي من أطباء وممرضين وعمال وإداريين يجدون أنفسهم في الصفوف الأولى على خط النار . إحصائيات مرعبة تعدّ العدوى التي قد يتعرض لها الأطباء والعاملون في القطاع الصحي من القضايا الصحية المهمة والتي تفوق في تأثيرها قطاعات أخرى والأسباب لا تنتهي منها أنهم يتنقلون بين المرضى وبذلك قد يتسببون في نقل المرض إلى غير المصابين به وأنهم يعودون إلى أسرهم وقد يتسببون في نقل المرض إليهم فضلًا عن أن مسببات العدوى بالمستشفيات قد تتصف أحيانًا بشراستها ومقاومتها للمضادات الحيوية إضافة إلى أنهم قد يسقطون ضحايا لمرض يحاولون البحث عن علاجه ما يجعل من حماية العاملين في القطاع الصحي من العدوى ضرورةً قصوى. وبهذا الصدد كشف المدير العام للوقاية وترقية الصحة بالوزارة الوصية الدكتور جمال فورار مؤخرا عن آخر حصيلة للإصابات بفيروس كورونا لأسلاك القطاع بالوسط الإستشفائي والتي بلغت 8791 مصاب وفقدان 118 عاملا داعيا إلى ضرورة العمل والتطبيق الصارم للإجراءات الوقائية في مقدمتها ارتداء الكمامة حماية للمجتمع وأسلاك القطاع الذين يعانون من ضغط كبير . ماراطون جديد مع تزايد الاصابات دخلت الأطقم الطبية في كل من المؤسسة الاستشفائية الجامعية بوهران أول نوفمبر ومستشفى حي النجمة في ماراطون جديد في ظل تفاقم حالات كوفيد-19 بولاية وهران وتزايد الحالات الحرجة بينما يسجل برأي المختصين نقص في الإمكانيات المادية والبشرية. ووجدت هذه الأطقم الطبية التي أنهكها التعب بعد شهور من العمل في إنقاذ مرضى كوفيد نفسها تواجه موجة جديدة مثلما تبرزه الأرقام المعلن عنها من قبل لجنة رصد ومتابعة الوباء يوميا حيث تعد الحالات الحرجة التي يتوجب إدخالها الإنعاش بالعشرات كل يوم. ويصادف الزائر إلى مبنى الحضانة للمؤسسة الاستشفائية الجامعية بوهران أول نوفمبر الذي حول منذ بداية الجائحة إلى وحدة للتكفل بمرضى فيروس كورونا مشهدا مقلقا حيث امتلأت الأسرة الأربعين المخصصة للإنعاش بالمرضى عن آخرها. وتستقبل هذه الوحدة الحالات الأكثر حرجا فيما يتم تحويل تلك الأقل خطورة إلى مستشفى حي النجمة حسب ما أكدته البروفيسور دليلة بن علي. وقد يجبر ازدحام المكان وعدم توفر الأسرة لاستقبال الكم الهائل من الحالات الحرجة أحيانا إلى تحويل النقالات إلى أسرة التي يلاحظ تواجد بعضها في البهو أين يرقد المرضى وهم موصولين بأنابيب الأوكسجين في انتظار نقلهم إلى مستشفى حي النجمة. ويبدو الجو في وحدة الكوفيد-19 بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية بوهران هادئا عكس ما كان سائدا في بدايات الموجة الأولى أين كان القلق والهيبة يعمان المكان وقالت في هذا الشأن البروفيسور بن علي أن الروتين أخذ مكان الخوف شيئا فشيئا . وتواصل البروفيسور بن علي إعطاء التعليمات لفريقها الطبي وشرح الوضعية لمدير المؤسسة الاستشفائية الجامعية بوهران محمد منصوري الذي أوكلت اليه أيضا مسؤولية تسيير مستشفى حي النجمة. غاية نبيلة وتتحدث البروفيسور بن على بنبرة هادئة ووجه يبدو في تقاسيمه شيء من الحزن والكثير من التعب لتقول أنها أخذت زمام وحدة الكوفيد-19 منذ أشهر وقد تعودت على العمل والتعامل مع هذا المرض مضيفة أن لا وقت لديها في التفكير فيما تشعر في الوقت الذي يتوجب عليها العناية بالمرضى. و كشف فريق وكالة الأنباء الجزائرية الذي شق أروقة وحدة كوفيد-19 المرضى واحدا تلو الآخر ويبدو بعضهم غائبا عن الوعي موصولين بأجهزة التنفس الاصطناعي ويرقد بعضهم وآثار التعب بادية على وجوههم كما يبدو البعض الآخر في حال أفضل. فترى واحدا يجلس وفي يده هاتف نقال والآخر شاخصا بعينيه يتأمل السقف. ورغم أن الفئة الأخيرة تبدو أحسن حالا إلا أن حالة كل من يتم الإبقاء عليه في المستشفى تعتبر خطيرة ويمكن أن تتدهور في أي لحظة حسب ما أكدته البروفيسور بن علي التي أبرزت أن الحالات التي لا تعاني من تعقيدات توجه إلى الحجر في بيوتهم والتقيد بالبرتوكول العلاجي الموصى به. بمجرد وصول الدكتور منصوري والبروفيسور بن علي إلى مستشفى حي النجمة أحاطت بهم الفرقة الطبية حيث بدأ كل واحد يعد حاجاته: المزيد من الأسرة المزيد من أجهزة التنفس الاصطناعي المزيد من الممرضين. وأجاب الدكتور منصوري بأن مديرية الصحة استلمت 200 سرير ستخصصها لمستشفى النجمة كما تبرع أحد المحسنين ب20 جهازا للتنفس الاصطناعي ما سيضمن تهيئة نفس العدد من أسرة الإنعاش. أما فيما يخص الممرضين فقد اقترح المدير إعادة تنظيم تقسيم العمل إذ لا يمكن تجنيد المزيد في الوقت الراهن واعتبر العاملون بوحدة كوفيد-19 أن الإمكانيات في الوقت الحالي تكفي للتكفل بالحالات المتوافدة غير أن تزايد الحالات الحرجة بشكل يفوق الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة بات يثير الكثير من القلق. وقال الدكتور منصوري بهذا الشأن أن أكبر الدول تعيش هذه الوضعية بشكل أكثر حدة . كما أعربت البروفيسور بن علي عن قلقها من إرهاق الأطقم الطبية متسائلة كم من الوقت يمكنهم أن يستمروا في العمل بهذه الوتيرة و قال الدكتور منصوري الذي يقضي كل أيامه في المستشفى بما في ذلك عطل نهاية الأسبوع أنه لا يملك جوابا على هذا السؤال غير أنه يعتبر أن من واجبه وواجب كل طبيب التكفل بهؤلاء المرضى مهما كانت الظروف.