اعتدنا عند الإعلان عن نتائج شهادة البكالوريا الاحتفاء كثيرا بالنّاجحين وتهنئتهم وتشجيعهم على تحقيق نتائج أفضل في مستقبلهم الدراسي (الواعد)، واعتدنا في المقابل أن نتجاهل، عمدا أو بصفة عفوية، الحديث عن الرّاسبين الذين لم يُكتب لهم الحصول على معدل يسمح لهم بولوج دائرة النّاجحين· هذه السنة قالت الأرقام المعلن عنها لدورة البكالوريا إن 62 بالمائة من الممتحنين قد نجحوا في الحصول على تأشيرة الدراسة الجامعية، وهي أعلى نسبة تسجّل في هذا الامتحان المصيري منذ الاستقلال، وهو ما رأت فيه وزارة التربية دليلا على ارتفاع مستوى التلاميذ ونجاح إصلاحاتها· وحين ننظر بعين رياضية إلى نسبة ال 62 بالمائة من النّاجحين في الباك ونتذكّر أنها تعادل 220 ألف طالب وطالبة نتصوّر أن إصلاحات وزارة بن بوزيد بلغت من النجاح مستوى غير مسبوق، خصوصا وأن الزّيادات الأخيرة في أجور الأساتذة والمعلّمين أطفأت نيران الاحتجاجات في قطاع التربية إلى حدّ بعيد وسمحت بإخراج موسم هادئ تكلّل بتسجيل أرفع نسبة نجاح في الباك منذ رحيل الاستدمار الفرنسي· لكن سرعان ما نعيد حساباتنا ونتمنّى أن تعيد الوزارة معنا حساباتها أيضا حين نفكّر في الجزء الفارغ من الكأس وننظر إلى نتائج البكالوريا من الزاوية الأخرى·· زاوية الممتحنين الذين أخفقوا في الفوز بالشهادة، وهي في النهاية شهادة لا تضمن لصاحبها دخول الجنة ولا حتى الحصول على منصب شغل· أرقام البكالوريا التي حصل على شهادتها 62 بالمائة من الممتحنين تقول أيضا إن نحو 38 بالمائة من التلاميذ الذين امتحنوا لم يُفلحوا للأسف في الحصول على معدل يؤهّلهم للدخول إلى الجامعة، وهو أمر يشمل نحو 134 ألف تلميذ وتلميذة، وهو على الأرجح أكبر عدد من التلاميذ الذين يخفقون في الحصول على الباك خلال دورة واحدة منذ الاستقلال· ومن الطبيعي ألاّ يحصل الجميع على الباك، فحتى في ثانوية (عائشة) بحسين داي التي حقّقت المرتبة الأولى وطنيا أخفقت طالبة واحدة في رفع التحدّي، لكن من الطبيعي أيضا أن ننظر إلى النتائج بعينين اثنتين حتى نعزّز مواقع النجاح ونعي مواقع الفشل لتحويلها إلى قلاع تألّق مستقبلا·· وبالتوفيق للجميع·