من أمريكا إلى الصين.. هكذا زلزل الوباء عروش قادة العالم شهد الاقتصاد العالمي ارتفاعا في التضخم هو الأسرع منذ 2008 مع إنفاق تريليونات الدولارات على شكل حزم تحفيز من الحكومات والبنوك المركزية في مواجهة تداعيات جائحة كورونا وجاء ذلك في وقت يتسارع فيه التعافي الاقتصادي مع اتساع عمليات التطعيم ضد الفيروس والتي سمحت بتخفيف القيود على الأنشطة الاقتصادية خصوصا في الاقتصادات الكبرى كالولاياتالمتحدةوالصين وأوروبا. ق.د/وكالات قفز معدل التضخم السنوي لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم 38 دولة تمثل حوالي 60 بالمائة من الاقتصاد العالمي إلى 3.3 بالمائة في افريل الماضي من 2.4 بالمائة في مارس ليبلغ أعلى مستوى منذ 2008. وجاءت الولاياتالمتحدةالأمريكية في مقدمة الدول صاحبة معدلات التضخم الأعلى بمعدل 4.2 بالمائة في افريل وتأتي تلك المعدلات التضخمية عقب حزم وحوافز مالية ضختها الحكومات الكبرى لدعم الشركات والبنى التحتية بهدف تعزيز التعافي الاقتصادي ما أدى إلى زيادة الاستهلاك والطلب العالمي على السلع خصوصا الطلب على الطاقة. على سبيل المثال تهدف الولاياتالمتحدة إلى تقديم حزم تحفيز مالي من أجل إنعاش الاقتصاد الأمريكي تبلغ 4 تريليونات دولار وفق تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن. كما بدأ الاتحاد الأوروبي تفعيل خطة إنعاش اقتصادي تبلغ 750 مليار يورو (915 مليار دولار) ممولة بقرض مشترك أقرها برلمان الاتحاد أواخر العام الماضي. -عودة الاستهلاك يرى الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة أن اقتصادات العالم تقع تحت قبضة جائحة كورونا لمدة وصلت إلى عام ونصف العام مما أدى إلى توقف النشاط الاقتصادي وانخفاض الاستهلاك بشكل كبير وبالتالي تراجع الطلب العالمي وأضاف عجاقة أن انخفاض الطلب العالمي على السلع بشكل عام أدى إلى تراجع معدلات التضخم وبالتالي عند ظهور اللقاحات ووجود حلول لمشكلة الجائحة إلى حد ما عاد الاستهلاك إلى الصعود وارتفعت معه معدلات التضخم مرة أخر ولفت الخبير اللبناني إلى الرابط القوي بين الاستهلاك والتضخم من جهة ومعدلات النمو من جهة أخرى إذ كل منهما يشكل سببا ونتيجة للآخر في الوقت نفسه وتوقع البنك الدولي نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 5.6 بالمائة خلال 2021 بينما توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد العالمي نموا بنحو 6 بالمائة وتأتي المعدلات الطبيعية للتضخم بالنسبة للدول المتقدمة عند 2 بالمائة بينما تصل في الدول النامية إلى 4 بالمائة. رهانات صعبة لكن تظل رهانات صانعي القرار على التحفيز الاقتصادي عبر ضح حزم مالية ضخمة محل جدل كون تلك النظرية تعتمد على استغلال عامل اقتصادي واحد مع ثبات باقي العوامل. وبحسب مقال لأستاذ الاقتصاد الأمريكي نورييل روبيني نشرته صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية مؤخرا فإن التحفيز المالي لن يؤدي إلى تضخم كبير لأن الأسر ستدخر جزءا كبيرا منه لسداد الديون التي تراكمت عليها خلال فترة الوباء ما يحجم الطلب. ووفق روبيني فإن الاستثمارات في البنية التحتية لن تزيد الطلب فحسب بل ستزيد العرض أيضا وتوقع روبيني أنه على المدى القصير سيؤدي الركود في أسواق العمالة والسلع وفي بعض أسواق العقارات إلى منع حدوث طفرة تضخمية مستدامة لكن على المدى الطويل قال روبيني إن السياسات النقدية والمالية المتساهلة ستبدأ في إحداث ضغوط تضخمية مستمرة. والأسبوع الماضي توقعت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة الفاو (FAO) ارتفاع تكاليف الواردات الغذائية العالمية بنسبة 12 بالمائة في 2021 إلى مستوى قياسي بسبب غلاء السلع الأساسية وزيادة الطلب. وقالت المنظمة في تقرير إن فاتورة واردات الغذاء حول العالم بما في ذلك تكاليف الشحن من المتوقع أن تصل 1.715 تريليون دولار هذا العام من 1.530 تريليون دولار في 2020. وارتفعت تكاليف الواردات السلعية بشكل عام اعتبارا من الربع الأخير 2020 بسبب ارتباك في سلاسل الإمدادات سواء من أسواق المواد الخام أو الدول الصناعية نحو الأسواق الاستهلاكية. وسجل المؤشر الشهري لأسعار المواد الغذائية أعلى مستوى في 10 سنوات خلال ماي الماضي ما يعكس مكاسب حادة للحبوب والزيوت النباتية والسكر وفق التقرير. وبينما كان نمو التضخم هدفا عالميا خلال 2020 بسبب تراجع الطلب العالمي على الاستهلاك بالتزامن مع تداعيات جائحة كورونا تحول اليوم إلى هاجس دولي بفعل حزم التحفيز المالي والتي قادت إلى قفزة كبيرة في الاستهلاك.