** في أول يوم رمضان تعبت جداً وحصل عندي قيء وقال لي الزملاء أن القيء يفطر الصائم فهل هذا صحيح؟ * الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد.. فلا يترتب على القيء بطلان الصيام، كان رغماً عن الشخص أو باختياره، لأن التفطير بالقيء قول لا يتفق مع مقاصد الصيام، وإليك تفصيل ذلك في فتوى الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الصيام": القيء جاء فيه حديث أبي هريرة: "من ذرعه القيء وهو صائم فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض" (قال الحافظ في التلخيص: رواه الدارمي وأصحاب السنن وابن حبان والدارقطني والحاكم من حديث أبي هريرة، قال النسائي: وقفه عطاء عن أبي هريرة، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة، تفرد به عيسى بن يونس، وقال البخاري: لا أراه محفوظًا، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده. وقال الدارمي: زعم أهل البصرة أن هشامًا أوهم فيه، وقال أبو داود وبعض الحُفاظ لا يراه محفوظًا، وأنكره أحمد وقال في وراية: ليس من ذا شيء، قال الخطابي: يريد أنه غير محفوظ، وقال مهنا عن أحمد: حدث به عيسى بن يونس، وليس هو في كتابه، غلط فيه، وليس هو من حديثه!. وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، وأخرجه من طريق حفص بن غياث أيضًا، وأخرجه ابن ماجه أيضًا. (ا.ه-. من التلخيص مع المجموع -351/6)، وبهذا نرى أن الذين أوردوه لم يُصححوه، بل ضعَّفوه وأنكروه، فيما عدا الحاكم، وهو كما قالوا: (واسع الخطو متساهل في التصحيح). وكذلك حديث أبي الدرداء: أنه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر (قال الحافظ: رواه أحمد وأصحاب السنن الثلاثة، وابن الجارود وابن حبان والدار قطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم عن أبي الدرداء، ونقل عن البيهقي، وغيره أن الحديث مختلف في إسناده. وقال البيهقي في موضع آخر: إسناده مضطرب، ولا تقوم به حجة -التلخيص مع المجموع 352/6). فأما حديث أبي هريرة فيكفي أن أحمد أنكره، وقال: ليس من ذا شيء، أي أنه غير محفوظ وقال البخاري: لا أراه محفوظًا، وقد روي من غير وجه، ولا يصح إسناده. ومما يدل على عدم صحته: أن أبا هريرة راويه كان يقول بعدم الفطر بالقيء، فقد روى عنه البخاري أنه قال: إذا قاء، فلا يفطر. إنما يخرج ولا يولج، قال: ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر. والأول أصح.أ.ه. فإن صح موقوفًا: كان رأيًا له رجع عنه. ونقل ابن بطال عن ابن عباس وابن مسعود عدم الإفطار بالقيء، مطلقًا ذرعه أو تعمده. وعلَّق البخاري عن ابن عباس وعكرمة قالا: الصوم مما دخل، وليس مما خرج. وإيراد البخاري لهذه الآثار يدل على أن مذهبه عدم الفطر بالقيء مطلقًا. وأما حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. فلا يدل على أن القيء مفطر بذاته، بل كما يقال: مرض فأفطر، أو أصابه جهد ومشقة فأفطر، أي أفطر بأن أكل أو شرب. هكذا فسره الطحاوي رحمه الله. وإلا فإن لفظ (قاء) لا يدل على التعمد الذي هو المفطِّر عندهم. وإنما الذي يدل على التعمد هو (استقاء). والحقيقة أن التفطير بالقيء لا يتفق مع مقاصد الصيام. وقد جاء في حديث مرفوع آخر ما يعارض هذا، وهو ما روي عنه عليه الصلاة والسلام: "ثلاث لا يفطرن: الحجامة والقيء والاحتلام" (قال الحافظ في التلخيص: رواه الترمذي والبيهقي من حديث أبي سعيد، وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، ورواه الدار قطني من حديث هشام بن سعد عن زيد، وهشام صدوق قد تكلموا في حفظه.. إلخ. انظر تلخيص الحبير -194/2)