تحرص جميع ربات البيوت على أن يجعلن من موائدهن فرصة لإثبات قدراتهن في الطبخ، وفي صنع أشهى الأطباق التي تكون علامة من علامة قدرة الزوجة وتمكنها في المطبخ، ولعلّ الأطباق التقليدية وهي الأكثر صعوبة من حيث التحضير، لعلها الأطباق المفضلة التي تحرص كل ربة بيت على صنعها، وبالتالي التأكيد على قدراتها، وهو ما تفعله النسوة خاصة في رمضان حيث يحضرن، وبالإضافة إلى الشربة والحريرة والمثوم وغيرها من الأطباق التي اعتادت الأسر الجزائرية أكلها في رمضان، فإنهن يحضرن كذلك بعض الأطباق التقليدية التي تكاد الأسرة تنساها في باقي أشهر السنة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمأدبة تدعى إليها كل العائلة فتكون ربة البيت حينها مطالبة بان تنوع في أطباقها. هو ما يلاحظه كل زائر لبيت فرد من أفراد عائلته، حيث أن المائدة تلعب دورا مهما في يوميات الجزائريين، وخاصة ربات البيوت، وتجد الأب يتسوق صباحا ويجلب مختلف المواد التي أوصته بها زوجته او أمه لتحضير بعض الأطباق، أما الأم فان مكانها المطبخ الذي لا تخرج منه إلا وقد حضرت مختلف الوجبات التي ستواجه بها، عندما يرتفع صوت المؤذن معلنا نهاية نهار من الصيام، تواجه كل من يشكك في قدرتها على الطبخ وعلى الإبداع فيه، ولن تفعل ذلك إلا إذا أبهرت أسرتها وضيوفها بأطباق غير مألوفة، مثل الأطباق التقليدية التي يلزم لتحضيرها الكثير من المهارة والدقة، وهو ما يسعد عادة العائلة التي يعتبر شهر رمضان بالنسبة لها فرصة لتذوق أشهى المأكولات، خاصة إن كانت الأم تعمل ولا يكون لها الوقت الكافي خلال أشهر السنة الأخرى في تحضير مثل تلك الأطباق، وهو ما أكده لنا الباهي، والذي ألف أكل السندويشات قبل رمضان لأنه يعمل ولا يستطيع العودة إلى البيت، أما في وجبة العشاء فانه لا يجد إلاّ مأكولات خفيفة تشبه تلك التي يأكلها خلال النهار، ذلك أنّ زوجته تعمل ولا تكاد تجد الوقت الكافي للطهو، أما في رمضان فإنها تكون في عطلتها السنوية، وتكون قادرة بالتالي على التفرغ للطبخ، وهو الأمر الذي اسعد كثيرا الباهي وجعله يحرص على أن يستغل كامل شهر رمضان ويطلب من زوجته في كل مرة أن تعد له وجبة تقليدية قد لا تكون له الفرصة لتناولها إلاّ بعد زمن، خاصة وان زوجته، يقول لنا، من منطقة بسكرة، وهي المنطقة الشهيرة بأطباقها المتنوعة والشهية، يقول:" رغم أنّ زوجتي تحسن الطبخ إلاّ أنها لا تتفرغ لتحضير الأطباق التقليدية أبدا، او عدا الجمعة اليوم الذي لا تعمل فيه، أما في رمضان فان الأمر يختلف والحمد لله، فهي لا تكاد تخرج من المطبخ، وأنا لا اكف عن الاتصال بها م مقر العمل لكي اطمئن على الأكل، وقد استطعت لحد الآن أن استلذ بعض الأطباق التقليدية الجميلة من مثل الدوبارة والحميس وغيرها مما تشتهر به منطقة بسكرة".