تعطي بعض الأكلات التقليدية موعدا للعائلات الجزائرية مع حلول شهر رمضان من كل سنة، بحيث يعرف هذا الأخير بالإعداد لبعض الأكلات التي لا يحلو طبخها إلا فيه. بحكم أن الصائم يشترط وجودها على المائدة الرمضانية، لما لها من أثر على شهيته، إذ يبغي التنوع في الأطباق ويشده الحنين إلى تذوق كل ما هو تقليدي. فحتى وإن لم يأكل منها، يكفي أنها حاضرة لتزين مائدته، وهو المهم بالنسبة لبعض الصائمين. وحول البعض من هذه الأطباق التقليدية، التي تزورنا في هذا الشهر الكريم، استطلعت ''المساء'' آراء بعض النسوة في هذه الأسطر. السفيرية ..والمثوم ...والمدربل يشترطها شهر الصيام. بحلول شهر رمضان، تبدأ العديد من ربات البيوت في تذكر الأطباق التي ينبغي أن تكون حاضرة منذ الأيام الأولى من الصيام، على اعتبار أنها مطلوبة عند الصائمين وهي التي تميز مائدة الشهر الفضيل من أجل الشروع في الإعداد لها، بتأمين المستلزمات الضرورية لطبخها، وحول هذا، حدثتنا السيدة فضيلة التي التقيناها بسوق الأبيار، وعن أهمية وجود الطبخ التقليدي على المائدة الرمضانية قائلة ''لعل ما يحبب شهر الصيام عند البعض من الناس إلى جانب العبادة هو تلك الأطباق التقليدية التي تزداد خصوصيتها في رمضان، أي أن السر في حب البعض لها، لكون الإعداد لها يقترن بهذا الشهر الكريم وإن تم طبخها في الأيام العادية لن يكون الإقبال عليها مثل رمضان ....ربما لأننا نكون صائمين وتكون شهيتنا مفتوحة''. وتضيف المتحدثة ''بالنسبة لي أقوم في الأيام الأخيرة من شعبان بتدوين الأطباق التي ينبغي أن أطبخها في رمضان، وأستشير أفراد الأسرة، طبعا، لألبي كل الأذواق، ولعل من بين الأكلات التقليدية الأكثر شيوعا في شهر الصيام هي طبق السفيرية الذي نستقبل به شهر الصيام، وطبق المثوم الذي لا نستغني عنه، لكونه يرافق طبق الشوربة. إلى جانب طبق المدربل بنوعيه المعد بالقرع أو بالباذنجان، هذا دون أن أنسى خبز الدار بالسانوج الذي يعرف به الباتنيون''. ولأني تستطرد المتحدثة قائلة ''من ولاية باتنة وأقيم حاليا بالعاصمة، أسعى مع حلول شهر رمضان من كل سنة إلى إحياء كل الأكلات التقليدية الباتنية حتى تترسخ في عقول أبنائي''. ...وطبق البرانية وطبق المشيمش لا يطبخان في غير رمضان . يعد طبق البرانية وطبق المشيمش من أهم الأطباق التي تفضل بعض النسوة إعدادها في رمضان، لما لها من حضور قوي بنفس الصائم الذي يبغي تذوقها ويشترط وجودها. ويرجع السبب عند البعض في تجنبها بالأيام العادية، كونها تتطلب نسبة معتبرة من اللحم لتُعَد، ولأن رمضان كما تقول بعض النسوة يأتي بخيره، تصبح هذه المادة متوفرة عند البعض، ما يعطي الفرصة من أجل طبخ بعض هذه الأكلات التقليدية التي تعتبر مادة اللحم ضرورية فيها. فهذه الحاجة خيرة تحدثنا عن كيفية الإعداد لطبق البرانية قائلة ''لا أطبخ طبق البرانية إلا في رمضان بحكم ما يتطلبه هذا الأخير من لحم لتحضيره، وعن كيفية الإعداد له قالت''أحمص اللحم مع البصل والفلفل الأسود والقرفة في قليل من السمن، بعدها أمرقه بقليل من الماء المرفق بالحمص، بعدها أعد له العقدة المكونة من اللحم المرحي، والجبن، والملح والخبز المرحي، والفلفل الأسود، وبعد أن ينضج اللحم، أسقي بمرقه العقدة وأضعه بالفرن بعد نثر الجبن عليه. هذه الوصفة تتطلب وقتا لتعد وأعتقد أنها مطلوبة بشدة في رمضان لمن يعرفها، فلا أخفي عليكم أن رمضان يعد فرصة لإعادة إحياء بعض الأطباق التقليدية التي باتت تتجنب بعض العائلات إعدادها، لكونها تثقل المعدة لما فيها من دهون''. من جهتها، حدثتنا السيدة حورية من دراردية، التقتها ''المساء'' تقتني بعض اللوازم لشهر الصيام بسوق الأبيار، وحول الأطباق التقليدية التي تعد خصيصا في رمضان، حدثتنا عن طبق المشيمش الذي قالت أنه طبق تقليدي توارثته عن والدتها، وتبغي توريثه إلى ابنتها لأنه من الأطباق التي قلما تعرف ببعض العائلات، على الرغم منه أنه طرق عاصمي، ولا يتم إعداده إلا في رمضان وسمي كذلك لأنه يشبه حبة المشمش في شكله''. وحول طريقة إعداده، قالت أنه يتطلب غلي البطاطة بعدها ترحا وتوضيع جانبا، ونقوم بإعداد العقدة المكونة من الحكم مرحي الذي يطبخ في صلصة اللحم، بعدها تؤخذ كويرات اللحم المرحي وتوضع في البطاطة المرحية التي هي الأخرى تأخذ شكل دائري، بحيث نشكل حبة مثل حبة المشماش لتقلى بعد الانتهاء من تكويرها بالزيت وتزين بالحشائش، وتضيف المتحدثة: ''في الواقع هي أكلة طيبة ترافق طبق الشوربة طيلة أيام رمضان لمن يملك الإمكانيات المادية''. أما شباح السفرة ..وصدر الشابة .. سنة مؤكدة برمضان. قد تختلف تسميات بعض الأطباق عن بعضها، إلا أن المتأمل فيها يجد أنها عبارة عن طبق واحد تحبه العائلات الجزائرية ولا يطبخ إلا في رمضان وهو الطبق الذي يعرف عند عامة الجزائريين باللحم الحلو، حيث يطبخ في أول أيام رمضان ويصاحب الصائم طيلة 30 يوما على أغلب الموائد. ولعل من بين الأسماء التي يعرف بها أيضا شباح السفرة على اعتبار أنه طبق تزين به المائدة الرمضانية ويحبه الصائمون، كما يسمى أيضا بصدر الشابة الذي حدثتنا عنه الحاجة يمينة التي قالت ''في إشارة منها إلى اندثار بعض الأطباق التقليدية، لعزوف بعض البنات عن تعلمها لما تسببه من آثار صحية كالسكري والكولسترول، وهي تشرح كيفية الإعداد لهذا الطبق الذي لا تستغني عنه العائلات العاصمية تحديدا في شهر الصيام ''إنه عبارة عن طبق اللحم الحلو ولكن الاختلاف يكمل في الفاكهة المستخدمة وفي طرقة الطبخ أيضا، حيث يعد خصيصا من حبات التفاح التي تفرغ من الداخل وتحشى باللوز، واللحم المرحي، ويتم طبخه في القدر بعدها يحمر بالفرن، ويزين بحبات اللوز. طعمه لذيذ ويختم به عادتا الصائم طعامه لان مذاقه حلو . ولعل من بين الأطباق التقليدية الأخرى التي يحلو لبعض ربات البيوت طبخها تحديدا في رمضان، هو طبق ''دولمة البيض'' التي حدثتنا عنه الحاجة فريدة قائلة ''أنه إلى جانب دولمة البطاطة والقرع، تعد دولمة البيض هي الأخرى واحدة من الأطباق التقليدية التي كانت تعد فيما مضى بشهر رمضان لتزين المائدة، حيث تؤخذ حبة البيض ويشق جانب صغير منها ثم ندخل القليل من اللحم المرحي المنكه بالتوابل، بعدها تفور بالكسكاس، وفي المقابل تعد صلصة الدجاج التي تزينها حبات البيض المحشوة. لا يتسع المقام لذكر كل الأطباق التقليدية التي تضرب للصائم موعدا مع حاول شهر رمضان، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على التنوع في الأطباق التقليدية بالمجتمع الجزائري التي تحتاج لما يقوم بتوثيقها نقلا عن ناس زمان حتى تتوارثها الأجيال القادمة، على اعتبار أنها تمثل تقاليد المجتمع الجزائري