تشتكي أكثر من اثنين وعشرين عائلة تقطن بعمارة 19 بديار المحصول بالمدنية من السكنات الضيقة التي تعيش فيها منذ الاستقلال، حيث لم تستفد أبدا من أي عملية ترحيل أو سكن اجتماعي على الرغم من أحقيتها به، وتحتوي كل شقة على غرفتين فقط يعيش بها أكثر من عائلة، وكل عائلة تضم العديد من الأفراد، لذلك فان بعض هذه العائلات تلجا إلى استعمال المطبخ كغرفة نوم في الليل وشبه مطبخ في النهار، وتحتوي هذه العمارة أكثر من7 طوابق، و تعد من أقدم البنايات في هذه المنطقة التي تعرف بالشقق الضيقة من شقة ذات غرفة واحدة إلى غرفتين ولا تزيد أبدا عن ذلك، فالضيق أصبح عاديا لديهم، وهم من جهة أخرى لا يستطيعون كراء شقق أخرى أكثر راحة واتساعا فمعظم هذه العائلات جد متواضعة و بسيطة وتكاليف الكراء جد غالية عليها، لذلك فهم منذ الاستقلال ينتظرون الفرج، وقد توالت عليهم الوعود من طرف اغلب المسؤولين على بلدية المدنية وعلى دائرة سيدي امحمد، إلا ان الأمر لا يزال كما هو و الأزمة تتفاقم يوما بعد آخر خاصة مع ازدياد عدد العائلات بفعل الإنجاب. ورغم لجوء بعضهم إلى اجراء بعض التصليحات في بيته قصد التوسيع كالإنقاص من مساحة المطبخ و بناء غرفة صغيرة إلا أن هذه الحلول كلها باءت بالفشل، خاصة مع تعرض هذه البناية العتيقة لعدة تشققات وتصدعات على مستوى الجدران الداخلية والخارجية، وهو ما يظهر جليا من الجهة الخارجية، فيخيل للبعض ان هذه البناية على وشك السقوط خاصة وان معظم البنايات في هذه المنطقة متلاصقة مع بعضها فالخطر إذن سيكون مضاعفا والكارثة ستكون كبيرة إذا تهدمت هذه البناية فتجرف معها بعض الأجزاء للبنايات الملاصقة لها، كما ان أكثر الأسر التي تعاني في هذه البناية هم الساكنون في الطوابق الأرضية فبالإضافة إلى أوساخ الجيران المتراكمة أمام أبوابهم وإلى غزو الجرذان لهم وتعرضهم إلى العديد كن الأمراض المزمنة كالحساسية والربو و بعض الأمراض الجلدية، فان بعض الفئات المنحرفة تتسلل أحيانا إلى صحن البناية خاصة في الليل لممارسة السلوكيات الشاذة كتعاطي المخدرات والخمر. و من جهة أخرى فان هذه العائلات تشتكي بشكل كبير من استفحال ظاهرة التجارة بالمخدرات في هذه المنطقة خاصة تحت بنايتها، حيث يتجمع بعض الشباب والكهول من أبناء الحي لاصطياد الزبائن باعتبار ان هذا الشارع رئيسي و يقع وسط المدنية ومواجه تماما لرياض الفتح، ورغم عمليات المكافحة والتمشيط من طرف أعوان الأمن إلا هذه الفئة تعاود ممارسة نشاطها في نفس المنطقة، لذلك فان الخوف الشديد يحاصر هذه الأسر خاصة على أبنائها الذين هم معرضون لعدوى هذه الظاهرة. وللإشارة فان وعود الترحيل التي قدمت لهذه العائلات كانت ستكون في شهر جويلية الماضي إلا أنها استثنيت من هذه العمليات أو أجلت لأسباب مجهولة، لذلك فان السكان جد مستاءون خاصة مع عمليات الترحيل التي استفادت منها العديد من البنايات في حي المدنية و يرون أنهم كانوا أحق و أولى بها منهم فحالتهم السيئة جدا بالإضافة إلى اقدميتهم تؤهلهم إلى الاستفادة من السكنات في اقرب وقت، فهم يخشون من المكوث إلى الأبد في هذا الجحيم الذي لا يريد ان ينتهي منذ أكثر من خمسين سنة.