ليست برامج الإفطارات الجماعية الرمضانية (موائد الرحمن) مجرد محطة لتناول الطعام بالنسبة لمسلمي أوكرانيا، بل فيها محطات كثيرة ومتنوعة، بين الإيمانية الثقافية، والخيرية الاجتماعية، والتعريفية الدعوية. ولما فيها من فوائد تحظى هذه البرامج باهتمام وإقبال عشرات الآلاف من مسلمي أوكرانيا في شتى الأقاليم والمدن، حيث تقام في المراكز الإسلامية والجمعيات الاجتماعية والدينية، والمساجد والمصليات، وهي يومية في أماكن، ومتكررة عدة مرات أسبوعيا في أماكن أخرى. ولعل من أبرز هذه الموائد تلك التي تقام في إقليم شبه جزيرة القرم لمسلميها التتار البالغ عددهم قرابة 500 ألف نسمة، وذلك لكثرة أعدادهم ووجود العشرات من المساجد والمصليات في الإقليم. إيمان وثقافة ودعوة جزء أساسي من برامج الموائد تشكله فقرات الدروس اليومية التي تسبق موعد دخول صلاة المغرب بنحو ساعة تقريبا، وهي عادة ما تكون حول قصص القرآن أو السيرة النبوية الشريفة أو سيرة الصحابة رضوان الله عليهم، وبلغات عدة كالعربية والروسية والإنجليزية والتترية لجميع روادها من مسلمين أوكرانيين وأبناء جاليات. وتحظى هذه الدروس بإقبال واهتمام كبيرين، حيث تكتظ المساجد أو القاعات بالمستمعين لما لها من فوائد على السمو بمستوياتهم الإيمانية الروحانية، والعلمية الثقافية. ولا يقتصر الإقبال والاهتمام على المسلمين فحسب، بل يشمل المئات من غير المسلمين الذين يدفعهم الفضول وحب التعرف على الآخر إلى حضورها، حيث يتم الإعلان عنها مسبقا وعلى نطاق واسع، وهذا ما يكون سببا لاعتناق الكثيرين منهم للإسلام سنويا، أو دحض شبهات باطلة لديهم حوله على الأقل. يقول سيرهي، وهو شاب أوكراني اعتنق الإسلام قبل عدة سنوات، ل"إسلام أون لاين" إن سعادته برمضان مضاعفة، فقد اعتنق الإسلام فيه بعد تأثره بما سمع خلال الدروس، وبهذا فهو شهر مبارك وشهر ولد فيه من جديد. ويشير إلى أن المكتبات المسموعة أو المرئية الروسية والأوكرانية تفتقد نوعا وكما إلى وجود مواد تفصل جوانب دقيقة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وهي تفاصيل قد يغفل عنها عند قراءة الكتب، لذلك يحرص هو والكثيرون على حضور هذه الدروس ويستمتعون بها. تكافل وتواصل وعلى موائد الرحمن في أوكرانيا يجلس الغني إلى جانب الفقير، والمرتاح إلى جانب المهموم، والأبيض إلى جانب الأسود، فتكون فرصة للتعارف ولتبادل النصائح أو تقديم المساعدة أو حتى التفكير في القضايا ذات الاهتمام المشترك. يقول د. إسماعيل القاضي رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" -وهو أكبر مؤسسة تعنى بالإسلام والمسلمين في أوكرانيا- إن من فضل الله أن حول تجمعات الإفطارات وما يأتي بعدها من جلسات احتساء للشاي والقهوة إلى ما يمكن وصفه بمؤتمرات يومية لكل فئات مسلمي أوكرانيا من محليين وأبناء جاليات. ويضيف "تحل الكثير من المشاكل في رمضان، ووجهت وحددت تفاصيل الكثير من مشاريعنا الخيرية فيه، عندما تولد أفكار وتدعم بعدة آراء، وكذلك الحال بالنسبة للقضايا ذات الاهتمام المشترك بالنسبة للمسلمين في أوكرانيا كأقلية". يذكر أن تعداد مسلمي أوكرانيا يبلغ قرابة 2 مليون نسمة، مشكلين نسبة تقارب 5% من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ نحو 46 مليونا.