مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراء حول التوجس من المرأة المتعلمة ضرورة ضبط مفاهيم الرجولة الحقيقية التي تشوّهت بتنشئة جاهلة في الأصل المتعلم حقيقة لا يخاف المتعلمة والعكس صحيح.. لكن يظهر في كثير من المجتمعات خوف جلي من أشباه المتعلمين تجاه المتعلمات سواء بين الأشقاء والإخوان أو غيرهم وغيرهن بشأن الذكاء والتعليم والنجاح والتفوق والفكر والثقافة والأدب والرأي والعمل وتقلد الوظائف والنفوذ والميراث بحيث يرى أشباه المتعلمين أن غير المتعلمة يمكن خداعها وهضم حقوقها وغير ذلك والواقع مليء بنماذج لا يتصورها عقل... وقد ترك ذلك كله تأثيرات سلبية ما تزال تنخر جسد المجتمعات وتعاني منه دول العالم الثالث خاصة لعدة اعتبارات متنوعة رغم الأدوار الرئيسة للمرأة في البناء الحضاري. سألنا أساتذة عن الظاهرة وانتشارها في العالم العربي وأسبابه وطلبنا وصفة لعلاجها. ***** الرجل يحترم المرأة ذات المعرفة والعلو في الأخلاق ويؤدي لها حقوقها أ. أمال عزوزي يقول البعض إن الرجال يعشقون المرأة الذكية المثقفة لكن لا يتزوجونها.. ويفضلون عليها المرأة العادية ذات الذكاء المحدود. ولهذا الأمر أسباب وخلفيات كثيرة: السبب الأول: (تراجع التعليم الذكوري) الموضوع شائك جدا في ثقافة مجتمع صعب تجاوزها وفي تراجع تعلم ذكوري مقارنة بتعلم البنات إذ أن الرجل المثقف للأسف في مجتمعنا اليوم لا يحصل مالا ليربي أسرة إلا بدعم الأهل وهذا ضريبته تبعية الرجل وزوجته مستقبلا لأسرة الرجل.. ما يكون سببا للخلاف وقلة تقبل المثقفة له والرجل الممتهن يحصل مالا ودخلا ولا يحصل علما مما لا يخلق التوافق بينه وبين المثقفة. السبب الثاني: (الرغبة بالاستبداد) أعتقد أن العلاقة بين الرجل العربي والمرأة العربية هي علاقة الحاكم بالمحكوم وينطبق عليها كل ما ينطبق على هذه العلاقة من واقع واستملاك.. فالحاكم المستبد يسعى دائما لتجهيل الشعب..وأي محاولة لتنويره وتوعيته تقابل بالحرب من الحاكم.. وإذا غلب الاستبداد على أمة لم يقف أثره في الأنفس عندما هو في نفس الحاكم الأعلى ولكنه يتصل منه بمن حوله إلى من دونهم وينفث روحه في كل فرد فيه يسري ذلك في النفوس.. إن الرجولة كما يفهمها مجتمع الرجال لدينا هي القائمة على الكسر والقمع وإلغاء إرادة المرأة وكذا الظلم والتجهيل. لأن الحرية مسؤولية والنساء في ظل الاستبداد غير مسؤولات مستلبات الفكر والإرادة. فالرجل أمام النوع الأول من النساء لا يشعر بسلطته المطلقة عليها لأنها تناقشه في أي قرار يأخذه كما أن كل ألاعيبه مكشوفة أمامها. السبب الثالث: (تجارب سلبية سابقة) يعمد الشباب اليوم لاختيار زوجة بمواصفات نعجة(قطة مغمضة) فتاة لم تكمل تعليمها لا تعرف الموقع الإلكتروني فيس بوك لا تملك هاتفا فرديا ولا تعرف من أمور التكنولوجيا شيئا وذلك بسبب متلازمة الخوف من المرأة القوية بالعلم أو المثقفة عموما نتاج ثقافة التعميم والصورة النمطية التي رسمها هؤلاء حول الفتاة المتعلمة فآثروا الجهل واحتفوا به وزهدوا في العلم وأهله..وكل ذلك بسبب مخاوف من تجارب حدثت لبعضهم تسربت إلى أذهان الشباب وأصبحت توجههم إحجاما وإقداما. وكأنهم يريدون الشيء المأمونة نتائجه فلا يلتفتون إلى أنهم بذلك يحرمون أنفسهم من نعمة الاختيار واتخاذ القرار. وباختيار الرجل هكذا امرأة سيهنأ في البداية بفتاة تجيد قول: نعم حاضر... ولا تخرج عن قمقم الطاعة المرسوم ثم تمتد الأيام ويطحن الزوج في مشاغل الحياة وتجد الزوجة نفسها أمام مهمة تربية الأولاد وحدها ومن دون توجيه يذكر. فكيف للمرأة أن تربي جيلا وهي حبيسة المنزل لا تعلم شيئا عن معارك الحياة؟!. كيف تربي جيلا قويا وهي لا تعرف كيف هي أحوال الدنيا وتقلباتها؟!. كيف تربي جيلا سويا وهي لا تعرف من أمور التكنولوجيا شيئا يذكر؟!. وإذ يُطْرَحُ هذا التساؤل في وسائل التواصل الاجتماعي نفاجأ بردود الشباب ومقارنتهم بين النموذج غير المتعلم وجيل الأمهات الأميات فيقولون:إن التربية شيء فطري لا يحتاج علما ولا تكنولوجيا وأن أمهاتنا أنجبن الرجال دون حاجة لشهادة أو فيس بوك أو غيره. في حين أن هذه المقارنة وهذا القياس خاطئ ففي زمن الجدات والأمهات لم تكن هنالك مشتتات وملهيات ووسائل تواصل وتكنولوجيات حديثة أما عصرنا فهو عصر المعلوماتية والتكنولوجيا ويلزم على الآباء والأمهات ألا يكونوا غرباء عن زمن أولادهم وأن لا يجهلوا لغة العصر التي أصبحت ضرورية لمواجهة الغزو الفكري الناعم الذي يتسلل إلينا عبر هذه الوسائل. والقياس الخاطئ الآخر الذي لا يصح هو قولهم:إن التعليم الجامعي لا يرتقي بطالباته لأنه تعليم لأجل الوظائف وحسب..وأنه لا فرق هنا بين الجامعية المتعلمة والتي لم تكمل تعليمها وأن العبرة بالأخلاق والتربية والعلم الشرعي من مظانه. ونحن إن سلمنا بهذا القول وأن كل التخصصات الجامعية مهنية بحتة إلا أن القياس فاسد ولا يصح. ولا يمكن بحال مقارنة الإنسان المتعلم مع من هم دونه وأن البيئة المتعلمة تؤثر في الأفراد وتنعكس إيجابا على أخلاقهم وذلك لعدة أسباب هي الصحبة والجو العام ومخالطة أصحاب التخصصات الأدبية والعلمية والثقافية والفكرية وكذا الشرعية وبالتالي تداخل العلوم واكتساب المعارف ورقي الفكر والأخلاق التي تنمو بطول المعاشرة. وأن الابتعاد عن هذا الجو سواء للفتى أو الفتاة ينسي المرء كل المعارف المكتسبة وتكسبه معاشرة الدهماء ومحدودي الفكر والعلم ثقافة شعبية تسهم بتردي المستوى المعرفي والفكري والشرعي وكذا السلوكي. فإذا كان هذا حال الفتى فكيف تصبح الفتاة الماكثة بالبيت حين تغرق في مستنقع الأيام غير المنضبطة بنظام أو جدول؟ يقول حمزة أبو زهرة: ((لم أشُكَّ يومًا في أن المرأة أولى بالوعي من الرجل كثيرًا ذلك بأنها أخصُّ بتربية الأبناء منه يشهد لهذا الخبر والنظر والعالَمون وإنهم لذخيرة الإسلام والحياة. وإذا كان الشأن أنه لا يفيض عنا إلا ما تمكن منا قانونًا بشريًّا لا يتبدل ولا يتحول فالواجب أن تمتلئ المرأة وعيًا برسالتها حتى يفيض منها على أبنائها فيضًا ضروريًّا لا كُلفة ولا مشقة ولا عناء ويعْمُر بألطف الأسباب وأيسر الأدوات قلوبهم وعقولهم. من فَقِهَ هذا من الرجال أعان المرأة -لزامًا- عليه والدًا أو أخًا أو زوجًا أو ذا محرم منها إما بنفسه إن استطاع إليه سبيلًا أو بغيره من الأسباب الآمنة التي تمكنها منه. أما أن تُترك المرأة هَمَلًا تُوحشها سآماتُ الفراغ والبطالة ولا تتصل برسالتها إلا بنسب واه وهي في وسائلها بين بتراءَ وشوهاءَ ثم يحاسبها الناس -أقربين وأبعدين- علىمآلات الأبناء هذا الحساب القاسي فهذا من أشدِّ الظلم البيِّن الذي تنزهت عنه شريعة أحكم الحاكمين.)). انتهى كلام-حمزة أبو زهرة. لذلك صار لزاما علينا الالتفات إلى ذلك فنحن ننادي بالإصلاح ونفسد أهم حلقة فيه المرأة . ختاما: أرى أنه من الواجب تربية الشباب على مفاهيم شرعية لا شرقية..وإعادة ضبط مفاهيم الرجولة الحقيقية التي تشوهت بفعل التنشئة الجاهلة..وعليه يلزم أن نلتفت قليلا لمعشر الرجال بالتوعية وأن تبذل الجهود لأجل ذلك..ابتداء من الأئمة وابتداء بالأئمة والوعاظ إلى المدرسة والبيت. يقول الأستاذ محمد عطية: ..لا يحب الارتباط بامرأة لا تملك إلا أن ترى الدنيا بعينيه سوى رجل لا يملك الثقة في نفسه ضعيف أمام ذاته.. وأعيذك من أن تكون كذلك... . ويقول أحد الكُتاب: ..ومن الغني عن البيان أن المرأة إذا ترقّت وشعرت بجميع ما لها من الحقوق فإنها لا تقبل أن تعامل بطرق القسوة والإهانة التي تعامل بها وهى جاهلة.. . فتربية النساء مما يساعد على إصلاح أنفسنا وتأديب ألسنتنا فإن الرجل يحتقر المرأة الجاهلة ولكنه يشعر رغمًا عن إرادته باحترام المرأة إذا وجد منها عقلا ومعرفة وعلوا في الأخلاق فيعف لسانه عن ذكر ما لا يليق بها ويؤدي لها حقوقها . ***** الدين لا يحرم المرأة من التعليم إكراما لفكر ذكوري متعجرف أ. كريمة الطيبي لزمن ليس بالقصير ظلت المرأة المتعلمة تشكل عقبة في طريق الكثير من الذين لايريدونها كذلك فبحصولها على قسط من التعليم ربما صارت قادرة على فهم الكثير من أمور الحياة على ضوء ما استوعبته من شؤون قضائية واجتماعية تعنيها بالدرجة الأولى فهي الأم والبنت والأخت فنظرة المجتمع العربي دون استثناء للمرأة المتعلمة ظلت مشوبة بالحذر وتوقع السوء منها رغم أن المرأة لم تطالب سوى بما منحه لها الدين الإسلامي لم تتجاوز حقها المهضوم وتحضرني هنا كلمات ما تزال راسخة في الذاكرة فيوم ورثت والدتي حقها في الأرضاستاء قوم من ذلك كثيرا وخم في الحقيقة ليسوا من الأهل ولا القبيلة ومن شدة غضبهم نطقوا كلاما كأنه تأكيد على رفضهم لحق أي أنثى فيما شرعه الله لها (ليت كل من ولدت له أنثى يقتلها...لقد ورثت فلانة مثل مايرث الرجال!) منتهى الأنانية واستصغار شرائع الله. فلقد عارض المجتمع الذكوري المحض تعليم النساء حتى أن هناك من كان يقول: ..البنت تتعلم ما تصلي به وكفى! فعلا كان تخوف شديد من إدراك المرأة المتعلمة لخطر مايفعل بها فقد أرادوها غافلة تماما إلا عن خدمتها لمن تعاشرهم فهي خادمة دون أجرة هذا إن سلمت من المعاملة السيئة فنحن شهود عيان...رأيناها تبذل صحتها وشبابها وعمرها في خدمة الغير...و الغير ليسوا سوى أقرب المقربين وإن طالبت بحق من حقوقها أصبحت عدوة ويشار لها على أنها خرقت العادات المتوارثة..والسبب أنها تعلمت يعني لم تعد تجهل مايجب وما لايجب..نعم وبكل حسرة وألم أتكلم فالموضوع حساس ومهم وهناك نماذج من النساء عشن في العذاب حتى توفاهن الله...بسبب تجاهل المجتمع لواقعهن المأساوي هن ضحايا جرائم ارتكبها الكبار في حقهن فلم يدخلوهن المدارس ولا حرصوا على تعليمهن حتى لايفتحن عيونهن فهذه مقولة متداولة بين الناس (قرات وحلت عينيها). وحتى أكون منصفة فهناك نساء ساهمن في هذه الوضعية وكن أشد حرصا على عدم تمدرس البنات فالبنت دائما أقل شئنا من الابن...البنت تخدم فقط أخاها الذي يدرس وهي تتعود على العبودية أولا في بيت والديها وبعد ذلك تصبح خادمة حين تتزوج وإن حدث لها مشكل في بيت الزوجية أهينت مثلا ورجعت لبيت والديها فهنا تكمن الكارثة ستسمع من الألفاظ القاسية مايدمر إنسانيتها وقد تعامل بخشونة وخصوصا إن كان لها إخوة متزوجون...فيا للمصيبة..وربما تعود ذليلة مكسورة الجناحين لبيت الزوجية وهذا يحدث كثيرا وهناك روايات تؤكد أفعال أهل البنت غير المتعلمة ضدها نعم خذه حقيقة أصرح بها ما يزال في مجتمعنا من ترعبه المرأة المتعلمة التي تعرف مصالحها وتدافع عنها ما يزال عندنا من يناصبها العداء لأنها ليست خاضعة لقانون التهميش والإقصاء..ما يزال هناك من يسخر من وجودها في الحياة العامة ويعدذلك استهتارا بالعادات المألوفة. والخلاصة تصنف المرأة المتعلمة على أنها وقحة لاتستحي جريئة في وسط لايرى لها قيمة ويجب أن تبقى خاضعة لكل ماهو ذكوري محض..فكأنما هي العدو ويجب الحذر منها أو القضاء على طموحها وإسكات ندائها..وأعود لأقول:إن هذا واقع مر نعيشه لن أستثني منه نفسي فلولا جهادي ومثابرتي والتحدي لكنت ضحية بكل معنى الكلمة..ومع الأسف بدل تكريم المتعلمة والافتخار بها كونها امرأة مسلمة شقت طريق العلم وأثبتت وجودها فإنهم يعملون جهدهم لمحاربتها فهل الدين يقول هذا؟هل تحرم المرأة من التعليم إكراما لفكر ذكوري متعجرف؟.