الدكتور عصام مجاهد هو طبيب جرّاح، أخصّائي في الأشّعة التشخيصية، يقيم في إيطاليا منذ 1990، وهو من أصل فلسطيني ويعمل في القطاع الخاص، مهنته هذه والتي تتطلّب تفرّغا تامّا لما لها من أهمّية لم تمنعه من تخصيص بعض من وقته لخدمة المسلمين المقيمين في إيطاليا، وذلك بتأسيس مجلس العلاقات الإسلامية الإيطالية، والذي يرأسه ويساعده في مهامه مجموعة من الإطارات المسلمة للتكفّل بمشاكل الجالية والسعي إلى مساعدتها على الاندماج مع المجتمع الإيطالي دون التفريط في أصولها ودينها· اغتنمنا فرصة تواجدنا في ملتقى دولي شارك فيه الدكتور وأجرينا معه هذا الحوار·· - "أخبار اليوم": بداية، هل يمكنكم أن تعطونا فكرة عن عمل المجلس وأهدافه؟ -- الدكتور عصام مجاهد: للمجلس أهداف كثيرة سوف أذكر منها الجزء الأكبر، وهي تتمثّل في: تشجيع التعارف بين الشعوب المختلفة، تشريع عملية تخطّي أيّ شكل من أشكال الأحكام المسبقة وتسليط الضوء على القيم والأهداف المشتركة مع احترام التنوّع، إلى جانب نشر الوعي بين الأقلّية المسلمة في إيطاليا بالقيم المشتركة بينها وبين الحضارات والديانات الأخرى، وتنشيط علاقات بين الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الإيطالي في الحياة الاجتماعية يكون من شأنها تشجيع التبادل الحي للخبرات للمساهمة في تكثيف المعرفة والاحترام المتبادل والتعاون، دون أن أنسى إقامة نشاطات تضامنية وتعاونية للتنمية بهدف التعبير بشكل ملموس عن الموارد الإنسانية والمهنية الموجودة بين الأقلّية المسلمة· وفي المستقبل ستعمل الجمعية على تقديم خدمات للأشخاص والأقلّية المسلمة في مجال التعليم والتوجيه نحو بلوغ اندماج إيجابي في المجتمع الإيطالي من خلال تشجيع البحوث والمبادرات الثقافية والتخطيط والقيام بشكل غير مباشر أو بالاشتراك مع هيئات متخصّصة لدورات تدريبية وتعليمية موجّه للأقلّية المسلمة لبلوغ الاندماج الإيجابي· كما أن المجلس يرى كذلك أن من واجبه أن يتعهّد بحماية حقوق الأقلّية المسلمة والوقوف بجانبها أثناء أداء واجباتها، وستلعب دور الوسيط بين الأقلّية المسلمة والمؤسسات الرّسمية، وستدعّم على تقوية القيم بهدف نشر التعدّدية، كما أنه سيعمل على تقوية القيم المشتركة وتحديد نقاط التلاقي والتوازن بين الوحدة والتنوّع، وستعمل لتقوية عملية الاندماج للأقلّية المسلمة في النّسيج الاجتماعي الإيطالي وهذا انطلاقا من قناعتنا بأننا نؤمن بتساوي الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة وأن كلّ واحد مكمّل للآخر. هذه فكرة عامّة عن عمل المجلس وأهدافه بشكل مختصر، والتي نسعى إلى تحقيقها مستقبلا· - ما هي الصعوبات التي واجهتموها في بداية المشوار؟ وهل تلقّيتم دعما من طرف السلطات المحلّية الإيطالية؟ -- الصعوبات التي واجهتنا في البداية ومازالت إلى حدّ الآن تتمثّل في عدم إيجاد الكوادر داخل الجالية الإسلامية التي تستطيع العمل بشكل متواصل، وتحت إطار مؤسساتي متخصّص لإيجاد علاقات مع المجتمع الإيطالي بكلّ أطيافه لكي تقوم بإقامة حوار جاد عملي. فرغم وجود جهود كبيرة إلاّ أن أكثرها فردية ولا يوجد لها إطار مؤسساتي للتنسيق لعدم ضياع الجهود ولرسم ملامح مستقبلية تعمل من خلالها، وهذه هي أهمّ الأسباب الذي جعلتنا نقوم بإنشاء هذه المؤسسة لتوحيد الجهود وتنسيقها، لكن للأسف القضية وكما ندرك تماما ليست بهذه السهولة وتحتاج إلى وقت، لكن البداية كانت ضرورية وسنقوم بالعمل الجادّ والمدروس للتغلّب على هذه الإشكاليات· - كيف كان تجاوب المسلمين المقيمين في إيطاليا وعن المتحوّلين إلى الدين الإسلامي مع عمل مجلسكم؟ -- من خلال تجربتي في العمل الاجتماعي عرّفت انفتاح المجتمع الإيطالي بشكل ملموس، لكنني عرّفته أكثر حينما أعلنت عن تأسيس المجلس، فمن جميع الأطياف السياسية والمجتمعية وصلتنا تبريكات، والكلّ أجمع على أن إيطاليا تحتاج إلى مثل هذه الجهود، وأن مصلحة إيطاليا من مصلحة مسلميها ومصلحة مسلميها من مصلحتها، وأن المسلمين في إيطاليا يمكن أن يكونوا جسرا للحوار مع بلاد البحر الأبيض المتوسط وإيطاليا· المسلمون في إيطاليا وجودهم جديد ولا توجد مؤسسات متخصّصة ذات تصوّر واضح للعلاقة بين الجالية كأقلّية دينية والمجتمع الإيطالي، فالمؤسسات الموجودة يغلب اهتمامها على إقامة الشعائر الدينية من صلاة جمعة وإقامة أماكن للصلاة، والذي أحدث في الآونة الأخيرة تنافسا حادّا بين أقطاب كثيرة داخل الجالية الإسلامية في إيطاليا للتنافس على من يملك أكثر عدد من المراكز الإسلامية وصراعات داخل المؤسسة الواحدة على أسلوب العمل، لكن لا يوجد أيّ مؤسسة تنبّهت إلى أن الجالية الإسلامية الآن لها احتياجات خاصّة غير إقامة الشعائر الدينية مثل المستشفيات والمدارس وإقامة لقاءات الحوار وشرح نظرة الإسلام والمسلمين من كثير من القضايا الهامّة التي تشغل العالم والمجتمع الإيطالي، والقليل الذي تنبّه إلى هذه القضية وقد أثنى على انطلاقتنا، خاصّة من الذين جرّبوا العمل داخل الجالية وتوصّلوا إلى قناعة أنه لابد للعمل التخصّصي والابتعاد عن العمل العشوائي الخالي من التنسيق الذي وللأسف اتّصفت به الجالية الإسلامية في العشر سنوات الماضية في إيطاليا، والذي تمثّل في عدم إعطاء فرصه للأجيال الشابّة في الصعود لتظهر قدراتها، وهذا يؤكّد تفاعل الشباب معنا لأننا نطرح فكرا جديدا في العمل داخل المجتمع الإيطالي كجالية متفاعلة مع مجتمع فتح أبوابه لها· - هل هناك تنسيق بينكم وبين مجالس في دول أخرى تنشط في نفس المجال؟ -- عملنا الآن مٌنصبّ على إعداد الكوادر القادرة على إقامة العلاقات بن المسلمين والمجتمع الإيطالي، فنحن تأسّسنا في بداية شهر 10 من سنة 2010، ونولي اهتماما جادّا في إيصال الجالية الإسلامية في إيطاليا إلى أن تصبح جالية تقوم بذاتها، ولا تعتمد على مؤسسات خارجية لكي يكون قرارها بيدها، وهذا طبعا لا يعني أننا لا نعمل على توطيد العلاقات مع المؤسسات الأخرى في أوروبا أو في العالم الإسلامي، لكن مع التركيز في أيّ علاقة على أننا جالية إسلامية إيطالية قرارها بيدها، وتولي أولوية لوضع جسور للحوار بين إيطاليا كدولة ومجتمع مع المسلمين في إيطاليا بعيدا عن التجاذبات السياسية في العالم· - هل يوجد أعضاء من الجزائر ضمن فريق العمل؟ وإذا كان كذلك ما تقييمكم لفعالية عملهم؟ -- أحد أهمّ أهدافنا هو إيجاد جالية إسلامية في إيطاليا تكون مرجعيتها المصلحة العليا للجالية الإسلامية في نطاق القانون والدستور الإيطالي، وأن لا تكون جالية ذات طابع فئوي أو طائفي أو إيديولوجي. فقد حرصنا في البداية على أن يكون بين أعضائنا مسلمون من أصول مختلفة، عربية وأعجمية، وشكرا للجزائر التي أنجبت أبناء يعملون معنا لتوطيد معاني الحوار بين الأجيال الصاعدة، ومنهم مسؤول قسم حوار الأديان الأخ كمال العيّاشي وهو من أصول جزائرية ومن الوجوه المعروفة في إيطاليا نظرا لجهوده الكبيرة في مدّ جسور المحبّة والحوار بين الجالية المسلمة والأديان الأخرى في إيطاليا· - أخيرا، ما هي مشاريعكم المستقبلية؟ -- أهمّ أمر يشغلنا الآن هو كيفية إيجاد صيغه لتوحيد جهود المؤسسات الإسلامية لكي تصبّ في إطار واحد ويكون للجالية تمثيل حقيقي قوي أمام الحكومة الإيطالية، ونحن الآن نعمل على إيجاد طريقه لتوفير بيئة مناسبة للمسلمين، مثل توفير الطعام في رمضان، وتوفير خدمة الختان في المستشفيات الإيطالية بسعر مقبول لأبناء الجالية المسلمة·