كشفت تقارير لمنظمات وجمعيات حقوقية بشمال إيطاليا ومعها بعض وسائل الإعلام هناك، عن مغادرة نسبة مهمة من أبناء الجالية العربية الإسلامية إيطاليا نحو البلد الأصلي أو إحدى دول الاتحاد الأوروبي. وقدرت التقارير أن نسبة المغادرين فاقت 8 %، موضحة أن أبناء الجالية المغربية يحتلون المرتبة الأولى من حيث العدد. وقالت التقارير نفسها إن المناطق الإيطالية التي عرفت هذه الظاهرة هي مناطق الشمال وعلى رأسها التي يتحكم فيها اليمين الإيطالي وبشكل كبير حزب عصبة الشمال العنصري. وقالت صحيفة "جورناليتيسيمو"، إن سبب رحيل الجالية الإسلامية والمغربية بشكل خاص عن إيطاليا مرده إلى غياب العمل والاندماج وبالتالي وجود قوانين عنصرية تحد من ممارستها الدينية وتعبر عنها بكل حرية. وفي السياق نفسه أوضح عدد من الجمعيات الإسلامية والمغربية بشمال إيطاليا، لصحيفة "الوطن" السعودية, أن نسبة كبيرة من المهاجرين المسلمين الذين حصلوا على الجنسية الإيطالية قرروا مغادرة إيطاليا نحو بعض دول الاتحاد الأوروبي التي تندمج فيها الجالية الإسلامية بشكل كبير داخل مجتمعاتها، أما المسلمون الآخرون الذين بحوزتهم إقامات فقد جمع بعضهم حقائبه ليعود إلى الوطن الأصلي بعد أن فقد العمل وأصبحت حياته شبه مستحيلة في إيطاليا. وقال مسؤول في أحد المراكز الإسلامية بمدينة ميلانو ل"الوطن" إنه أصبح يلاحظ غياب عددٍ من المصلين من أبناء الجالية الإسلامية عن المسجد منذ مدة لأسباب كان يجهلها، لكنه عندما سأل عنهم تأكد له مغادرتهم مدينة ميلانو وإيطاليا بعد حصولهم على الجنسية الإيطالية للعيش في إحدى الدول الأوروبية. وعزا المسؤول قرار رحيل بعض أبناء الجالية الإسلامية عن إيطاليا إلى غياب العمل وازدياد العنصرية في ظل هيمنة حزب عصبة الشمال على الأقاليم الشمالية الذي أصبح يمارس مزيدا من التضييق على مسلمي إيطاليا ليحول دون ممارستهم لشعائرهم الدينية بحرية كما ينص على ذلك الدستور الإيطالي. ويستعمل حزب عصبة الشمال ورقة الإسلام في كل حملة انتخابية لكسب مزيد من الأصوات حيث قام بإغلاق عدد من المراكز الإسلامية بمدن متعددة بدعوى عدم احترامها للقوانين المعمول بها، أو بتهمة نشر التطرف وتشكيلها خطرا على المجتمع الإيطالي. وكانت بعض البلديات في الشمال الإيطالي في الأشهر الماضية قد أصدرت قوانين صارمة تغرم كل امرأة ترتدي النقاب بأكثر من 500 أورو، وتمنع النساء المحجبات من الدخول إلى المسابح العمومية. إلى ذلك أشار تقرير أعده المجلس الوطني للعمل والاقتصاد الإيطالي إلى أن إيطاليا في حاجة إلى مزيد من السواعد لسد النقص الحاصل في سوق الشغل بسبب شيخوخة المجتمع الإيطالي، موضحا أن الحل للخروج من هذه الأزمة هو المهاجرين. وأكد التقرير أن عدد العاملين في إيطاليا بلغ العام الماضي 20 مليونا وأن هذا العدد سينقص في سنة 2018 مليونا وأربعمائة شخص بسبب إحالة عدد من الإيطاليين على التقاعد. وطالب التقرير من الحكومة الإيطالية خلق أجواء لاندماج المهاجرين في المجتمع الإيطالي لضمان بقائهم فيه والكف عن العنصرية الواضحة التي يتبناها عدد من الأحزاب اليمينية وعلى رأسها حزب عصبة الشمال.