"هاري رايا بواسا"، أو "يوم الاحتفال العظيم"، هو الاسم الذي يطلقه مسلمو سنغافورة، البالغ عددهم نصف مليون مسلم، على عيد الفطر. وفي هذا اليوم تزدحم الشوارع، وتفتح المحلات والمعارض أبوابها لاستقبال يوم يطول انتظاره كل عام، كما الحال في باقي البلدان الإسلامية. تبدأ مظاهر الاحتفال بالعيد في تلك البلاد، التي ينحدر بعض مسلميها من أصول عربية، عشية ليلة العيد حيث يخرج المواطنون في مهرجان يغطي أنحاء البلاد، وتعلوا صيحات التكبير مع غروب شمس ليلة العيد في الطرقات والشوارع وداخل المساجد ( موسالاس)، وتستمر تلك التكبيرات حتى صعود الإمام على المنبر لأداء خطبة العيد بعد أداء صلاة العيد، كما تشهد تلك الساعات موجة كبيرة من انتقال المسلمين لقراهم الأصلية للاحتفال بعيد الفطر مع الوالدين والأقارب. وتتميز سنغافورة، التي تقع في جنوب شرقي آسيا عند الطرف الجنوبي من جزيرة الملايو، بأطعمتها الخاصة ك (كيتوبات، ليمانج)، بالإضافة إلى ال (دودول) . كما يعتاد المسلمون هناك، ومنهم الماليزيين والهنود التاميل والباكستانيين والإندونيسيين، على تحية بعضهم البعض في يوم العيد بقولهم (سلامات هاري رايا) والتي تعني (عيد سعيد) . إندونيسيا أما إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث تعداد السكان، ويصل إجمالي ناتجها المحلي (863 بليون دولار)، وهو الأكبر في العالم الإسلامي والخامس عشر على مستوى العالم. وتعلن إندونيسيا عطلة عيد الفطر قبل أيام من حلول العيد، وتعطي المدارس الإسلامية لروادها من الطلاب إجازة كافية تمكنهم من الاحتفال، وهي إجازة تعتبر أطول من مثيلتها في المدارس العادية، ويتجهز سكان المدن للسفر لقراهم التي نشأوا فيها للاحتفال بهذا اليوم، وهي عادة يطلق عليها (موديك) حيث يعود الأبناء من العاصمة "جاكارتا" إلى الأقاليم التي نشأوا فيها مثل "جافا" أو الجزر الإندونيسية الأخرى.الأمر الذي يتسبب في تكدس غير عادي في المطارات والموانئ ومحطات الحافلات، أم الذين يسافرون براً بسياراتهم الخاصة فيقبعون لساعات في ازدحام لا مثيل له نتيجة الأفواج المتدفقة على مسقط رؤوسها في الأقاليم الريفية. وكعادة هذه المنطقة من أراضي المسلمين ، يسأل المسلمون ذويهم وأقاربهم أن يسامحوهم إذا كانوا قد اقترفوا في حقهم خطئاً بالقول أو الفعل، ويدعون لبعضهم بالمغفرة والرحمة في هذا اليوم الذي تكون لصلة الرحم فيه مكانة خاصة، حيث يتبادل الأقارب الزيارات، والتهاني. وفي وجبة الغداء يتناول الإندونيسيين الدجاج أو لحم البقر، لكنهم يتجنبون أكل الأسماك، التي تنتشر في تلك البلد، ويتناولون بعدها الكعك المحلى. "بنغلاديش" و"الهند"و"باكستان" ويطلق على ليلة العيد في الهند وبنغلادش وباكستان مصطلح ( تشاند رات) أو ( ليلة القمر)، وفيها يزور الناس المعارض في اللحظات الأخيرة للتسوق من أجل العيد، خاصة النساء وصغار الفتيات اللواتي يدهنَّ أيادي بعضهن بالحناء( ميهيندي)، ويرتدين السوار الملون المصنوع من الزجاج الصافي، وهي عادات تتميز بها هذه المجتمعات، بينما تستقبل المحلات والأسواق المشترين بلوحات مكتوب عليها (عيد سعيد). حقيقة يبدأ التجهيز ليوم العيد من بداية شهر رمضان في هذه البلدان، حيث يتم شراء الثياب الجديدة والأطعمة الخاصة، وترتيب الرحلات والانتقال للاحتفال بالعيد مع العائلات، ويطلق أهل تلك البلاد على الأيام السابقة للعيد من رمضان (الراكضة) لأنها تمضى بسرعة. وبعد مرور رمضان سريعاً وخاطفاً، يأتي العيد أو ( شهوتي ميثي) بعد ليلة مليئة باتصالات المعايدات على الأقارب والأصدقاء، ثم يصطحب الرجال الأولاد في الصباح لأداء صلاة العيد في (إيدجاه) أو الخلاء، ثم يذهبون للبيت لتناول الأطعمة الخاصة مثل ( سافايا) وهو طبق من الشعرية المحمصة، التي تغلى بعد التحميص ثم يوضع عليها الكريما والسكر، ويطلق عليها في بنجلادش( شيماي) ، حيث يعتبر هذا الطبق من التقاليد الأصيلة للاحتفال بالعيد هناك. نيجيريا حين تعلوا أصوات طلقات الرصاص في الهواء تعلم أن رمضان قد آذن بالرحيل، وأن العيد قد حان في بلدة"كانو" النيجيرية، والتي تعتبر ثالث أكبر مدينة في البلاد بعد"لاغوس" و "إيبادان"، إنه إذاً وقت البهجة في البلدة التي تضم أكثر من 5 ملايين مسلم ، والتي رسا الإسلام على شواطئها، واعتبرت بلدة إسلامية رسمياً من قرون خمسة. ومن التقاليد المتبعة في هذا الجزء، أن يطلق حرس أمير"كانو" 3 طلقات من بندقياتهم، والتي تعتبر إعلانا رسمياً بانتهاء رمضان وحلول عيد الفطر المبارك، وهكذا يكون الحال في معظم مدن شمال نيجيريا. وفي صباح يوم العيد ينتقل أمير البلدة مسافة 3-4 كم لحضور صلاة العيد مع ما يقارب 500 ألف مسلم، ثم يركب الأمير حصانه المزين بالألوان الزاهية للعودة إلى القصر، بعد الصلاة وسماع الخطبة. ثم يجلس في سرادق لاستقبال المرحبين والمهنئين بالعيد من مختلف الطوائف. وفي اليوم الثاني للعيد ينتقل الأمير في موكب مهيب لتهنئة حاكم البلاد، وهو تقليد يعود للعصور الاستعمارية. يحتفل العامة بالعيد في"جمهورية نيجيريا الاتحادية" بالعديد من الفعاليات وفقا لتقاليد المدينة التي يعيشون فيها، ما بين ركوب للخيل، وزيارات للأقارب، وتناول أطايب الطعام مثل (ماسا، تونون، و شينكافا)، وارتداء الجديد من الملبس خاصة في طبقة الشباب والأطفال. وتعتبر "كانو"مثالاً للمسلمين الذين يعيشون في شمال البلاد، حيث يقلد أهل البلاد المجاورة أسلوب"كانو" في الاحتفال بالعيد. أما في المناطق الجنوبية من البلاد، حيث يمثل المسلمون نسبة 60 بالمائة من السكان في الجنوب الغربي، وما يقرب من 5 بالمائة في الجنوب الغربي، فيحتفل المسلمون بالعيد بطريقة يغلب عليها الطابع الشرقي أكثر من الطابع التقليدي المتوارث منذ أجيال. فبعد صلاة العيد ينتقل السكان للشواطئ ولأماكن التنزه الأخرى حيث يستمتعون ببرامج خاصة بالعيد. أما ما يجمع مسلمو شطري نيجيريا شمالا وجنوبا- والذين يبلغون 65 مليون نسمة،أي حوالي 50 بالمائة من السكان ويتمركزون في الشمال، بينما يشكل المسيحيين 40 بالمائة ويتمركزون في الجنوب، وهناك 10 بالمائة ذو اعتقادات وديانات مختلفة - ميايجمع المسلمون هناك هو تبادل المرح وتناول الطعام الخاص، وتنظيم الفعاليات الخاصة بالعيد في أسلوب مهيب. أمريكا يستعد مسلمو أمريكا لعيد الفطر استعداداً خاصاً ، حيث تقوم المنظمات الإسلامية في الولاياتالمتحدة، ومن أشهرها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، بحث المساجد والمراكز الإسلامية في الولاياتالمتحدة إلى مراسلة وسائل الإعلام المحلية ( الجرائد والإذاعات، ووكالات الأنباء ) بمدنهم ودعوتها إلى تغطية احتفالات المسلمين المحلية بعيد الفطر المبارك، وذلك ضمن جهود المسلمين في أمريكا لتوعية الإعلام والمجتمع الأمريكيين بالإسلام وبحياة وأعياد المسلمين.لكن احتفال مسلمي أمريكا بالعيد يشوبه بعض الصعوبات، من قبيل العيش في مجتمع لا يدين بدينك، بل وينظر إليك بنظرة الاتهام المسبق. "يعتبر الحفاظ على الاحتفالات الإسلامية، والتقاليد الدينية في أمريكا تحديا يواجه المسلمين الذين يعيشون في مجتمع غير مسلم. هذه الصعوبة تشتد على الأطفال خاصة الذين يجدون كل أصدقائهم ، وزملائهم في المدرسة - غير المسلمين – يحتفلون بعيد رأس السنة الميلادية ( الكريسماس) بالكثير من الصخب، والهدايا والإثارة، بينما لا تلقى أعيادهم الإسلامية نفس الجو العام". إنها الكلمات التي وصفت بها منظمة "ساوند فيجن" الدينية غير الربحية ، الأعياد الإسلامية في أمريكا، لتنقل لنا التحدي الذي يواجه هؤلاء المسلمون إذا أرادوا الاحتفال بالعيد في ظل مجتمع لا يعترف وفقط بأعيادهم، بل وينظر أيضاً للمسلمين باعتبارهم تهديداً للبلد.ولصعوبة إيجاد فرحة العيد في مجتمع غير مسلم – وليس استحالتها - قرر الموقع الرسمي للمنظمة تقديم بعض الأفكار والرؤى والاقتراحات التي تسهل على مسلمي الغرب عامة ، وأمريكا خاصة الاحتفال بالأعياد الإسلامية، رغم عيشهم داخل مجتمعات غير إسلامية. قدم الموقع أمثلة لخطاب يتم توجيهه لمدرس الأطفال يطلب منه إجازة للأبناء لإعطائهم فرصة للاحتفال بالعيد، ونموذجاً لجدول الاحتفال بالعيد، وخطوات لجعل العيد القادم مميزا بالنسبة للعائلة المسلمة، ولم يتجاهل الموقع المهاجرون الجدد إلى أمريكا، بل قدم لهم دعماَ يتمثل في نصائح تمكنهم من الفرحة في هذا اليوم ، هذا بالإضافة لشرح لأنشطة المساجد في الأعياد الإسلامية، حيث تقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع الحلوى على المصلين بعد انتهاء الصلاة، وكذلك توزيع الهدايا على الأطفال. حتى هدايا العيد، وإعداد الأطعمة الخاصة، والتصدق على الفقراء وإطعامهم في العيد، لم تتجاهلها تلك الاقتراحات . هناك صعوبة أخرى كانت تواجه احتفال المسلمين في الغرب بالعيد وهي اختلافهم في تحديد يوم العيد ، لكن ربما يخفف من وطأة هذه الصعوبة اجتماع غالبية المسلمين هذا العام على صيام رمضان في ال13 من سبتمبر، الأمر الذي سيجعل غالبية المسلمين كذلك يتوحدون في الاحتفال بالعيد. ورغم كل هذا فعيد الفطر في مساجد أمريكا له مذاقه الخاص، رغم التقليدية التي تحوط بأحداث كل عام داخله. حيث يفتتح يوم العيد بصلاة العيد ، ثم سماع الخطبة، التي تختتم بالدعاء أن يغفر الله للمسلمين الذنوب، وأن يكشف الغمة عن الأمة، تليها زيارات متبادلة بين الأقارب والأصدقاء في المنازل. ويأتي دور"العيدية" ذلك التقليد الذي يحظى به صغار المسلمين في أعيادهم، لا يعرف حدوداً، فالطفل المسلم لا بد وأن يتلقى "هدية العيد" سواء كان يعيش في المملكة العربية السعودية أو في بلاد العم سام، ذات الأغلبية غير المسلمة.