أدى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة صبيحة أول أمس صلاة عيد الأضحى المبارك بالجامع الكبير بالعاصمة، حيث تلقى بعد الصلاة التي تمت في جو من السكينة والخشوع التهاني، من كبار المسؤولين في الدولة وأعضاء من الحكومة وعدد من إطارات الدولة إضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسي الإسلامي المعتمد بالجزائر وجموع المواطنين واستمع الرئيس بوتفليقة إلى الإمام الخطيب الذي أبرز في خطبتي الصلاة فضائل إحياء هذه المناسبة المباركة التي تعتبر بالنسبة للمسلم "فسحة وتوسعة ومسرة وتعظيما لشعيرة الإسلام، يتأسى فيها بسنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي امتثل لأمر الله طوعا ورغبة هو وابنه إسماعيل الذي فداه الله تعالى بذبح عظيم". واعتبر الإمام عيد الأضحى المبارك فرصة للدعاء والاستغفار والتهليل تزامنا مع وقوف الحجاج الميامين بصعيد عرفات ورميهم للجمرات، ومناسبة يعبر فيها المؤمنون عن تضامنهم وتكافلهم تجسيدا للمعاني السامية للدين الإسلامي الحنيف، داعيا الجزائريين إلى الحفاظ على الأمن الذي استتب بفضل المصالحة الوطنية، "التي ينبغي نشرها بين أبناء الوطن الواحد، لتثمين فضائلها التي سمحت بالانطلاق في المشاريع التنموية في مختلف أنحاء البلاد". كما دعا الإمام الشعبين الفلسطيني والعراقي إلى نبذ الفرقة وتوحيد الشمل ورص الصفوف لمواجهة أعداء الأمة. وعقب الصلاة تلقى رئيس الجمهورية تهاني عيد الأضحى المبارك من كبار المسؤولين في الدولة والمواطنين الذين أدوا صلاة العيد بالجامع الكبير، وكان في مقدمة مهنئيه السادة عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة وعبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني وأحمد أويحيى الوزير الأول وأعضاء من الحكومة إلى جانب عدد من إطارات الدولة وممثلين عن المجتمع المدني وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والإسلامي المعتمد بالجزائر. خشوع وفرحة وتغافر استقبل العاصميون عيد الأضحى المبارك في أجواء من الخشوع والبسمة التي ارتسمت على الوجوه، وخاصة لدى الأطفال الذين خرجوا إلى الشوارع والساحات العمومية وهم يرتدون ألبستهم الجديدة، بينما توجه الكبار في وقت باكر إلى المساجد لأداء صلاة العيد والاستماع إلى خطبتي العيد اللتين أبرز فيهما الأئمة المغزى من الاحتفال بهذا اليوم المبارك، ليتبادل بعد ذلك المصلون تهاني العيد بالتغافر، قبل التوجه لنحر الأضحية. وكما جرت العادة في أيام العيد فقد قامت عدة جمعيات بزيارة المستشفيات لمواساة المرضى ومشاركتهم فرحة العيد، حيث وزعت الهدايا واللعب والحلويات على الأطفال والمسنين. بينما قام أشبال أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية بتوزيع أكياس بلاستيكية في المساجد، لحث المواطنين على رمي بقايا الأضاحي فيها حفاظا على البيئة. وكانت السلطات العمومية قد اتخذت قبيل العيد جملة من الإجراءات لتهيئة ظروف مريحة للمواطنين خلال يومي العيد، شملت تكثيف وسائل نقل المسافرين، عشية العيد وأثناءه مما سمح لنحو 120 ألف مسافر من التنقل إلى ولاياتهم الأصلية لقضاء هذه المناسبة السعيدة، كما شملت الإجراءات، دعوة التجار وأصحاب المحلات إلى مواصلة نشاطهم، بينما نظمت مديرية الفلاحة مداومات بيطرية أثناء أيام العيد على مستوى كل بلديات الولاية، ومذابحها السبعة وهذا في إطار مكافحة مرض الكيس المائي، وعززت مؤسسة جمع النفايات المنزلية لولاية الجزائر (ناتكوم) عملها من خلال وضع برنامج خاص بيوم عيد الأضحى المبارك، جندت فيه حوالي 450 عونا إضافيا لدعم عمل العمال الأساسيين الذين يشكلون الوحدات الثمانية للمؤسسة، ودعمت أجهزتها بتخصيص حوالي 100 شاحنة منها 35 شاحنة صغيرة مخصصة لجمع النفايات في الأزقة والشوارع الضيقة إضافة إلى 12 شاحنة مزودة بصهاريج المياه وغيرها من المعدات. ونفس الأجواء المطبوعة بالتعبد والتغافر والفرحة شهدتها مختلف ولايات الوطن بمناسبة هذا العيد المبارك، حيث توافد المواطنون بولايات شرق البلاد منذ الصباح الباكر ليوم العيد على المساجد في جو من الخشوع والتهليل والتكبير بعظمة هذه المناسبة الدينية وتأدية صلاة العيد والاستماع إلى خطب الأئمة الذين دعوا إلى التآخي والتضامن ما بين أبناء الوطن الواحد، مذكرين بضرورة ترقية التكافل الاجتماعي والتصدق على الفقراء وصلة الأرحام والتسامح وتجاوز الخلافات. ليتوجه بعدها المصلون إلى منازلهم ليشرعوا في نحر الأضاحي وسط فرحة وفضول الأطفال وتعاون بين الجيران. وبالمناسبة فقد نظمت مديرية النشاط الاجتماعي بولاية قسنطينة عمليات نحر أضاحي بمرفق الأشخاص المسنين والمعاقين بحامة بوزيان ودار الرحمة ب"جبل الوحش" ومركزي الطفولة المسعفة بقسنطينة لإضفاء أجواء شبه عائلية على نزلاء هذه المؤسسات، بينما نظمت بعض الجمعيات النشطة محليا زيارات لنزلاء هذه المؤسسات وتوزيع هدايا رمزية عليهم إلى جانب تنشيط حفلات فنية وترفيهية، كما اغتنم بعضها مناسبة عيد الأضحى لزيارة المرضى بالمستشفيات وبخاصة فئة الأطفال منهم، حيث تم توزيع الهدايا واللعب عليهم. وبولايات جنوب الوطن يقترن عيد الأضحى المبارك بأضحية العيد التي تجتهد كثير من العائلات في توفير قدر معين من المال لشراء كبش العيد، وينتشر باعة الفحم والحطب الذي يعرف ب "حطب الصحراء" المتميز بجمره القوي وبقلة دخانه وبالرائحة الطيبة التي تنبعث منه، وعملا بالتقاليد فإن أهل المنطقة يقسمون أضحية العيد إلى ثلاثة أقسام جزء منها يحتفظون به لأنفسهم فيما يوزع الجزء الثاني على الفقراء والمساكين من الجيران أما الجزء الثالث فيتم إهداؤه إلى عدد من الأقارب والمعارف، على اعتبار أن مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى المبارك لا تتوقف عند أضحية العيد، وإنما هي فرصة أيضا للالتقاء مع الأقارب والأحباب والأصدقاء وتبادل التهاني والزيارات وذلك مباشرة بعد أداء صلاة العيد والخروج من المساجد. من جهتهم سكان الولاياتالغربية، استقبلوا عيد الاضحى المبارك في أجواء غمرتها الفرحة والألفة والتكافل الإجتماعي، حيث يمثل "العيد الكبير"، مناسبة دينية واجتماعية سعيدة وسارة يتم التحضير لها قبل عدة أيام من موعد حلوله. وقد بدت مظاهر البهجة في العديد من أرجاء مدينة وهران وضواحيها وأزقتها الشعبية، حيث ارتسمت البسمة على وجوه المواطنين في هذا اليوم المبارك الذي غمرته مشاهد مميزة، تجسد معاني الأخوة و تطبعها بعض العادات والتقاليد الضاربة في أعماق تاريخ الولاية، ويحرص أهلها على استمرارها. ومن بين العادات تفنن ربات البيوت في صنع أشهى الأطباق التقليدية التي تقدم مباشرة بعد النحر ومن أبرزها أكلة "الملفوف "التي يحضرها الرجال وهي عبارة عن قطع من الكبد المشوية على الجمر تلتف حوله الأسرة بكاملها متبوعة بأكلات خفيفة لها نكهة خاصة. كما اغتنمت الأسر الوهرانية فرصة العيد لزيارة المرضى في المستشفيات والمراكز الاجتماعية للترويح عن المقيمين بها وإدخال البهجة إلى قلوبهم. بينما توجه بعضها إلى المقابر لزيارة الموتى من الأقارب والأهل والترحم عليهم. واختار بعض الشباب "نوادي الانترنت" المفتوحة ببعض الأحياء الشعبية للاتصال على المباشر بأقاربهم القيمين بالخارج، فيما فضل البعض الآخر تبادل الرسائل النصية القصيرة لتقديم التهاني للأهل والأحباب. واستجابة لنداء المكتب الولائي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين فتحت بعض المحلات التجارية المنتشرة عبر تراب الولاية أبوابها لاستقبال الزبائن في هذه المناسبة المباركة.