إنّ الأنظار كلها متوجهة هذه الأيام إلى جنوب إفريقيا لمتابعة المونديال، ورغم أنّ فريقنا الوطني أقصي في الدور الأوّل، إلاّ أنّ الجمهور المتابع والمحب لكرة القدم لا زال يشاهد المباريات، وينتظر ما تفعله بعض الفرق، خاصّة بعد المفاجآت التي عرفتها الأدوار الأولى منه. هذا الاهتمام الذي استغله بعض أصحاب قاعات السينما، حيث راحوا يعرضون مقابلات المونديال على شاشاتها، والتي لاقت إقبالا كبيرا، خاصة تلك التي تتعلق بالفريق الوطني، سواء بالنسبة لمبارياته الحديثة في مونديال جنوب إفريقيا، أو حتى تلك التي لعبها في كأس إفريقيا بأنغولا، أو ربما تلك التي تعود إلى سنوات الثمانينات، مع الأسماء القديمة التي صنعت اسما للكرة الجزائرية عامة. هو الأمر الذي أثار انتباهنا ونحن نمر من سينما بضواحي العاصمة، حيث وعوض أن نرى على »الافيش« أفلاما، رأينا مواعيد لعرض مقابلات كروية، وتحديدا كانت السينما ستعرض مقابلة ربع نهائي كأس إفريقيا التي أجريت بين الفريق الجزائري ونظيره الايفواري، والتي فاز فيها منتخبنا بثلاثية، وأكثر من ذلك أدى مباراة في المستوى، ولم تكن الوحيدة، بل كان على اللائحة مواعيد لمباريات أخرى ستخوضها مختلف الأندية المشاركة في المنافسة العالمية، وخاصّة مباريات الفريق الشقيق غانا، والذي أبلى إلى الآن البلاء الحسن بتأهله إلى الدور ربع النهائي. لا تعرض السينما سوى مقابلات الفريق الوطني بل حتى مباريات المونديال الأخرى، والتي قد لا يتسنى للمواطن الجزائري البسيط رؤيتها على شاشة التلفاز، وهو الأمر الذي يجعله يعود حتما إلى دور السينما التي تعرض مثل هذه الخدمات وبثمن زهيد، إذا ما قارناها بالبطاقات المشفرة، والتي أقبل الكثيرون على شرائها مع بداية المونديال، وقد عرفت مثل هذه المبادرة استحسانا من قبل المواطنين، والذين تحدثنا إلى بعضهم بعد انتهاء العرض، فقال لنا فؤاد إنه وما إن رأى أن السينما ستعرض مقابلة الفريق الجزائري مع الفريق الايفواري، حتى توقف ليرى ويشاهدها، رغم أنه كان مارا من المكان عن طريق الصدفة، ولم يكن ليفعل لولا أنّ الأمر يتعلق بالفريق الوطني، وبمباراة جميلة وممتعة مثل تلك التي خاضها بشجاعة. أمّا السعيد فقد كان فرحا بالمبادرة، فصاحب السينما سيربح من إقبال الجماهير على العرض، وسيجني بالتالي أموالاً كثيرة، والمواطن بدوره سيتمكن من متابعة المباريات المختلفة التي لا يستطيع متابعتها إلاّ باقتناء بطاقة باهظة الثمن، وهو الأمر الذي لا يستطيعه الكثيرون، لكن ما أعيبه على دور السينما أنها ليست عائلية، فصحيح أننا نجد بعض الأزواج يدخلونها، لكنهم سرعان ما يتراجعون، بعدما يسمعون الألفاظ القبيحة والماجنة التي لا يتوانى البعض عن إطلاقها خلال العرض، وكذلك بعض العشاق الذين جعلوا من السينما مكانا لهم يمارسون فيه كلّ أنواع الفاحشة، وبعض الشواذ الذين، وبعدما نبذهم الشارع، لم يجدوا إلاّ قاعات السينما لكي يمارسوا شذوذهم، غير آبهين لا بالعائلات ولا بالأفراد. كما تقربنا من المشرف على السينما، والذي قال لنا إن الأمر مربح بالفعل، وإنه يلقى الكثير من الإقبال على السينما بمجرد عرض المقابلات التي تجري بجنوب إفريقيا، وحتى تلك القديمة التي تعود إلى سنوات كان فيها الفريق الوطني في مستوى حسن، لكنّ المشكل الأكبر، يضيف محدثنا، يبقى في تصرفات بعض الشباب الطائش، والذي يحسب، ما إن يدخل ليشاهد مباراة في كرة القدم، يحسب أنه حضر ملعبا، ويسمح لنفسه بالتصرفات التي يفعلها عادة في الملاعب الكروية، فيشجع بصوت عال ويغني ويفرح ويصرخ وينتقد ويغضب ويقفز ويتحسر على الكرات الضائعة، وأكثر من ذلك كله، ربما يسب ويشتم ويزعج بذلك كله باقي المشاهدين، والذين قد لا يوافقونه الرأي، ورغم أننا نسعى جاهدين إلى محاربة كل الظواهر، وقد سبق وأن طردنا بعض المراهقين، الذين كانوا يشوشون على الجمهور، والذين لم يستطيعوا التوقف عن مشاكساتهم العديدة والمقرفة، إضافة إلى الأشخاص الذين لا غرض لهم من دخول قاعات السينما، إلاّ ممارسة الموبقات.