رغم خروج الفريق الوطني من المونديال، فإن الجزائريين يواصلون متابعتهم لمجريات الحدث الكروي، وهو ما يظهر جليا في كل الفضاءات والمحلات التي تزود أصحابها بجهاز تلفزيون لمتابعة المباريات، حيث تعرف عشرات المقاهي بالعاصمة حالة اكتظاظ في مواعيد بث المباريات، لاسيما ونحن في الفترة الحاسمة من المونديال، فهي تسمح للجمهور بمشاهدة المباريات جماعيا، مما يعطي نكهة أخرى للتعاليق. تشكل التعاليق ذات الصلة بالمونديال أحاديث العام والخاص، بين العاصميين الذين يعيشون حاليا مرحلة تقييم أداء ''الخضر'' في مونديال جنوب إفريقيا، دون إغفال كل ماحدث في الدور الأول، لاسيما فضيحة المنتخب الفرنسي وخروج بطل العالم من المسابقة مبكرا عكس كل التوقعات، إضافة إلى ما تسفر عنه مقابلات الدور ثمن النهائي. ''إدمان'' يجتاح الشوارع والمقاهي الذي يتجول في شوارع العاصمة وعلى وجه التحديد في المقاهي وصالونات الشاي وحتى مقاهي الأنترنت يشعر ب''حمى'' كأس العالم التي اجتاحت كل المناطق لجذب أكبر عدد من المواطنين العاشقين لكرة القدم لمتابعة الحدث الكروي الأبرز في العالم، الذي ستمتد شرارته إلى غاية منتصف جويلية القادم، لاسيما وأنه شهد مشاركة المنتخب الوطني بعد غياب دام حوالي ربع قرن، وهذا ما رفع نسبة متابعة الجزائريين للمونديال.. ولأن للناس أذواقا وطباعا، تعرفت ''المساء'' من خلال هذه الجولة على أمزجة شريحة من المواطنين العاشقين للكرة.. فهناك من قال إنه يحب متابعة مباريات الكرة في المقهى مع الأصدقاء، حيث يتبادل الآراء الكروية إما للمدح أو للنقد، وهناك من يفضل المشاهدة في المنزل مع الأسرة والأبناء والزوجة على طريقة التشجيع العائلي، لذلك فإن استعدادات مقاهي العاصمة قد بدأت مبكرا لجذب الزبائن وعشاق الساحرة المستديرة. ويقول نادل في مقهى بكلوزال: ''المونديال حالة استثنائية، هو شهر لمنافسات كرة القدم القوية، ورغم خروج المنتخب الجزائري فنحن سنتابع بقية أطوار المونديال لا محالة. وكل شخص حر في اختيار فريقه العالمي المفضل لتشجيعه''. وطبعا لايفضل الجميع هذه الأماكن لمتابعة المقابلات، ولكلٍّ طقوس وعادات خاصة به في تشجيع منتخبه المفضل، فهناك من لا يستمتع بالمباراة إلا وسط الضوضاء والصراخ والضجيج، بينما يفضل آخرون المشاهدة في البيت بهدوء، إلا أن أغلب من تحدثوا إلينا عبروا عن سعادتهم بتوفير شاشات التلفاز بأغلب ''الكافيتريات'' بالعاصمة لمتابعة المباريات، مما أضفى على المكان جوا حماسيا. أنفلونزا المونديال.. حمى سريعة الانتشار لحسن شاب جامعي، قال إنه ليس من الشغوفين بتتبع مباريات كرة القدم في الأيام العادية، إلا أن لكأس العالم ميزته الخاصة التي تجعل منه الحدث الأهم الذي يغطي على كل الأحداث الأخرى، مؤكدا أن من لا يتابع الكرة هذه الأيام قد ينعت بالانعزالية. يقول ''الكل في هذه الأيام يتحدثون عن المباريات وكرة القدم، ولا تخلو أية جلسة سمر أو محادثة هاتفية من كلمة كرة أو ضربة جزاء أو ركنية أو تماس.. فالمونديال وما يتعلق به أصبح الشغل الشاغل لكل الناس رغما عنهم، لأن من لا يهتم بالكرة أو لا يتتبعها هذه الأيام قد يجد نفسه معزولا بين أهله''. واعتبر سامي أن ما يحدث حالياً يمكن أن يوصف ب ''أنفلونزا المونديال'' لسرعة انتشار التعلق بالكرة حتى في صفوف من لا يهتمون أصلا بالرياضة كالشابات وربات المنازل والأطفال الصغار وحتى كبار السن، ويرى المتحدث أن هذا ''الوباء'' سيخفت بعد مرور الدور الأول من المونديال، ليبقى فقط المدمنون الحقيقيون على الكرة أوفياء للمونديال الإفريقي، لا سيما بعد خروج الفريق الوطني من المنافسة. ويفضل عبد الله متابعة كأس العالم في الأماكن العامة وخاصة المقاهي وبعض المطاعم وصالونات الشاي التي وفرت كل سبل الراحة للمشاهدين، ولما يحس به شخصياَ من متعة في تلك الأماكن. ويتفق معه صديقه في مشاهدة مباريات المونديال في الأماكن العامة. ويقول محمد من جهته إن الأماكن العامة أصبحت في هذه الفترة المكان الأنسب للمتابعة بسبب غلاء الاشتراك في القنوات المشفرة من وجهة نظره، مبدياً رضاه عن المستوى الذي ظهر به المنتخب الجزائري. ويؤكد شاب آخر من عين النعجة أن بعض شباب الحي اهتدوا لفكرة إخراج أجهزة التلفاز إلى الشوارع على جنبات الطريق ليتابعوا مجريات مباريات المونديال، موضحا أن مقاهي الحي صغيرة من حيث المساحة وتكفي فقط لارتشاف فنجان قهوة ''على السريع''، ولذلك فإن اللجوء إلى الطريق هو الحل، ورغم الفوضى التي تعم بفعل توافد الأنصار المتتبعين لمجريات المقابلات إلا أن الكل يتفاعلون مع الحدث ولا أحد يشتكي من الضوضاء.
جشع المقاهي أثناء المونديال بالمقابل تحيط أجواء التذمر بعض جمهور المقاهي في العاصمة بسبب رفع أسعار الخدمات التي تقدم لهم أثناء متابعتهم مباريات المونديال، واعتبر مواطن أن فكرة رفع الأسعار من قبل أصحاب المقاهي الشعبية غير مبررة، لأن بعض المباريات تنقل مجانا، مضيفاً أن رفع أسعار الخدمات في السابق كان يتم بغرض تعويض أصحاب المقاهي عن شراء بطاقات نقل المباريات، وأوضح أنه يتعين على أصحاب المقاهي تهيئة الأجواء أمام مرتادي المقاهي لمتابعة مباريات المونديال وليس رفع الأسعار. وأبدى مشجعون ل''المساء'' تذمرهم من ظاهرة ارتفاع الأسعار في المناسبات الكروية المهمة لدرجة دفعت بجشع بعض التجار إلى فرض سعر 30 دج لكراء كرسي بالمقهى لمتابعة المباراة جلوسا والأفضلية للأوائل كما هو معروف.