الهدف الذي أنشئت لأجله جامعة الدول العربية في الأربعينيات، والذي هو ضرورة إنشاء منظّمة تضمّ جميع الأقطار العربية بشعوبها ومللها ونحلها تدافع عن حقوقهم وكيانهم ووجودهم المادي والمعنوي اتجاه الغير، سواء كان آنذاك مستعمرا دخيلا أو غيره من الدول الغربية والشرقية التي كانت تتربص بدولنا العربية خاصة منها المستقلة حيتها. وقد نجحت جامعتنا في بلوغ الكثير من الأهداف التي كانت عبارة عن مطالب شعوبنا العربية، من حرّية واستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، وقد ظهر ذلك واضحا جليا بعد أن قامت الثورات التحرّرية في الأقطار العربية المستعمرة خاصة من قبل فرنسا وبريطانيا، حيث وقفت الجامعة وقفة بطولية مؤيّدة للنّزعة الاستقلالية للدول المستعمرة ودون تحفّظ، وقد استمرّ هذا دورها إلى أن هبّت عليها نسائم التحرّر الذي أدّى إلى سقوط جدار بلين وبعده انهيار الاتحاد السوفياتي، وما تلاه بعد ذلك من زوال المعسكر الاشتراكي ونهاية الحرب الباردة، حيث كانت نهايتها بداية حرب الخليج الثانية وبدابة انقسام الجامعة وبالتالي انقسام الأمّة العربية وشعوبها، ومن يومها لم تقم لجامعه الدول العربية قائمة. وقد رأينا ذلك مستغربين حين طالبت الجامعة وبأغلبية الأعضاء الاستنجاد بحلف (النّاتو) لفرض حظر الطيران على ليبيا بدعوى حماية المدنيين من طائرات معمر القذافي النكتة التي لم يصدّقها حتى الأطفال، فما بالنا بالنّاضجين والمحنكين سياسيا وثقافيا ولهمة غيرة عن العرض العربي الذي بات عرضة لكلّ من هبّ ودبّ من المتكالبين عليه من الغرب ومن المنسلبين ثقافيا وروحيا من أبناء جلدتنا أمثال ثوار (النّاتو") الذين باعوا ما فوق الأرض ما تحتها بليبيا بغية الوصول إلى الهدف المنشود عندهم، والذي الإطاحة بحاكم ليبيا الشرعي والاستيلاء على الحكم من قبل هذه الجماعات الشاذّة التي جاءت وتجمّعت من كلّ بقاع الأرض يجمعها هدف وحيد هو (الوصول إلى سدّة الحكم) على حساب الضعفاء من الأطفال والنّساء وعلى حساب هيبة الدولة وكرامة الشعب اللّيبي الذي أهين من قبل الغرب الصليبي، وكان ذلك بمباركة جامعة الدول العربية وبتزكية من الكثير من شيوخها في الخليج العربي. فأيّ جامعة هذه التي بقي منها الهيكل وذهب ريحها حتى باتت أضحوكة النّاس في مشارق الأرض ومغاربها؟ لقد داهمها نعاس فدخلت في سبات عميق لا تكاد تستفق منه، وأكاد أجزم أنها لن نستفيق منه مادام هؤلاء هم حكّامنا من العرب العاربة والمستعربة والبائدة، فيا جامعة الدول العربية صباح الخير.