أمهل سكّان منطقة فريحة الجبلية في منطقة القبائل ساعات قليلة للإرهابيين من أجل إطلاق سراح مختطف، وشلّ سكان القرية المرافق العمومية والخاصّة بإعلان إضراب عن العمل أغلقت خلاله المحلاّت والمطاعم. تجمّع مئات المعتصمين أمس أمام مقرّ بلدية فريحة للمطالبة بإطلاق سراح أحد أثرياء المنطقة كان قز اختطف ليلة السبت إلى الأحد، وتقول عائلته إنها تلقّت اتّصالا من شخص يطالب بفدية تفوق ال 3 ملايير سنتيم لقاء الإفراج عنه. وتعدّ هذه ثاني مرّة يأخذ فيها السكان على عاتقهم المواجهة المباشرة مع تنظيم »القاعدة« الإرهابي، وتداول بعض أعيان المنطقة على مكبّر صوت لإلقاء كلمة موجهة للتنظيم، وطالب إمام القرية بإطلاق سراح المختطف صاحب ال 34 عاما، »لأسباب صحّية بحتة«، لكن أحد أفراد العائلة طالب بعدم »الوقوع تحت طائلة الابتزاز ورفض مطلب دفع الفدية«. وقد شلّت الحركة وتوارت مظاهر الحياة لمدّة ساعات في فريحة التي شهدت إضرابا شاملا طال جميع المرافق والهيئات والمصالح العمومية، وكذا المحلاّت التجارية. وشهدت المدينة مسيرة ضخمة سار فيها المئات من سكان عدّة بلديات وقرى انتهت إلى قبالة دار البلدية رفعت فيها العديد من الشعارات المناهضة لموجة العنف التي تستهدف سكان المنطقة، وهذا ثاني إضراب تشهده قرى تيزي وزو تنديدا بعمليات الاختطاف. وقبل أسابيع احتجّ سكان »بوغني« على خطف شيخ مسنّ في الثمانينات من عمره، قبل أن يقرّر خاطفوه إطلاق سراحه دون دفع فدية. وتقود مصالح الأمن حاليا عمليات تنسيق لمحاولة الوصول إلى المختطف، والقضية تعيد إلى الواجهة مسألة الاختطاف، حيث يرصد تقرير رسمي كثيرا من جوانب عمليات »الاختطاف« التي تنفّذ في صفوف المقاولين ورجال أعمال أثرياء عبر محور ولائي يمتدّ إلى ثلاث مناطق رئيسية في بلاد القبائل. وسلّطت مصالح أمنية الضوء على ظاهرة الاختطاف التي باتت من أهمّ تكتيكات التنظيم الإرهابي في الفترة الأخيرة (منذ ثلاث سنوات)، في مقابل فديات أكسبت عناصره مصدر تمويل واسع ولا يتطلّب عمليات مواجهة عسكرية أو سطو مسلّح. ويكشف التقرير طريقة رصد »ضحايا الخطف« وأساليب تلقّي أموال الفديات التي يحرص غالبا دافعوها على تجنّب أعين رجال الأمن »خوفا على مصير ذويهم«. ويتعرّض التقرير من جهة أخرى، إلى تخفّي شبكات تشتغل على دعم وإسناد الجماعات المسلّحة وراء »خدعة« الخطف ل »شرعنة« تقديم أموال للعناصر الإرهابية تفاديا لملاحقة قضائية بتهمة »تمويل الجماعات الإرهابية«. ويطال التقرير ثلاث ولايات رئيسية بمنطقة القبائل (تيزي وزو، بومرداس والبويرة)، حيث تتمركز قيادة الجماعة السلفية للدّعوة والقتال وعدد كبير من الكتائب والسرايا. ويتحدّث الملف الأمني عن مواقع خاصّة تعتمدها هذه الكتائب في المنطقة لإخفاء المخطوفين، حيث تشترك روايات عدد من المفرج عنهم بعد تسليم فدية مالية في العادة من قبل أحد أفراد العائلة، في وصف المواقع التي أخذوا نحوها وطريقة التعامل معهم، إذ يصف الملف ذلك في مراحل، تتمّ الأولى بتحديد هوّية المعني بالخطف من قبل جماعات غير معروفة من قبل مصالح الأمن، تقدّم تقارير لقائد الكتيبة بقوائم لأثرياء وممتلكاتهم ومدى قدرتهم على السداد. وتصف المرحلة الأخرى الخاصّة بتنفيذ العملية، أنها تتمّ عادة في حواجز مزيّفة بعد تتبّع دقيق للنّشاط اليومي للضحّية.