كانت شركة (روتانا) الرائدة في عالم الصوتيات والمرئيات الوحيدة التي ضمّت في يوم من الأيام أكثر من 100 فنان، أما اليوم فتدنّى هذا العدد إلى 55 فناناً فقط، فمنهم من استغنت (روتانا) عن خدماتهم بحجّة أنهم لا يروّجون للشركة ولا يحقّقون أرباحاً، ومنهم من نجوم الصف الأول من استغنى عن خدماتها· ولكلّ واحد من هؤلاء أسبابه الخاصة، فالمغني إيهاب توفيق حينما انسحب من (روتانا) قال (إن هدف الشركة هو تدمير الفنان المصري) لذا قرّر مغادرتها· على رغم أن عمرو دياب ما زال حتى الآن تحت جناحَي (روتانا) وحقّق ألبومه الأخير (بناديلك تعالى) من إنتاج (روتانا) نجاحاً كبيراً، إلا أنه تحرّر من شروط كثيرة تفرضها الشركة على فنانيها· تجديد العقد مع دياب لم يكن سهلاً، إذ لم يقتصر الأمر على تدخّل سالم الهندي، رئيس الشركة المسؤول عن الفنانين، بل وصل الى قمّة الهرم في (روتانا)· وأخيراً، غادر حسين الجسمي الشركة وللمرة الأولى من دون الدخول في متاهات أو في دوامة القيل والقال، بل صدر بيان مشترك وكل من يقرأه يشعر بأنه شبيه بتلك البيانات التي تصدر عن لاعب كرة قدم عندما يغادر ناديه للاحتراف في الخارج، أي بموافقة الطرفين وأن كلاً منهما أخذ حقوقه· لكن، لم يعرف أحد منا الأسباب الكامنة وراء هذه المغادرة وقد رأى البعض أن هذا البيان كان لمجرد حفظ ماء الوجه للشركة أكثر منه للجسمي نفسه الذي ربما يستعدّ للانتقال الى شركة أخرى وهي على الأرجح (أرابيكا)، خصوصاً وأن هذه الأخيرة بدأت تستقطب فنانين لامعين كثراً أمثال وائل جسار ونانسي عجرم، وآخر المنضمّين إليها كان محمد منير الذي بلا شك سيشكّل عاملا جاذبا للكثير من الأسماء الكبيرة· بدورها، غادرت أصالة (روتانا) بحجّة أن الشركة لم تعطها الاهتمام الكافي· صحيح أن (روتانا) استقطبت المطربة الكبيرة وردة الجزائرية، وذلك يُعتبر (ضربة معلّم) بالنسبة الى الشركة، لكن حتى الآن لم نشعر بأن ألبوم وردة (إلي ضاع من عمري) قد أحدث الضجة المنتظرة، فمطربة بحجمها كان يجب أن تصاحب نزول ألبومها الى الأسواق حملة إعلانية ضخمة، خصوصاً أن الشعوب العربية تمضي معظم وقتها راهناً في الشوارع لإسقاط الأنظمة أو مسمّرة على شاشات القنوات الإخبارية· على رغم ذلك غامرت (روتانا) بألبومَي وردة وعمرو دياب، والأخير قد حقّق النجاح المرجو بسبب شعبيّته الجارفة وذلك على رغم سخط البعض من سكوته حيال ثورة 25 يناير وعدم تأييده للثوار بشكل صريح، علماً أن دياب صاحب الذكاء الحاد استطاع الترويج لألبومه على طريقته الخاصة وليس ل[روتانا] أيّ فضل في ذلك· مشكلة (روتانا) الحقيقية أنها لا تصنع نجوماً إنما تأتي بالفنانين وهم في قمّة عطائهم وتستغلّ شهرتهم لصالحها، وكي لا نهضم حقّها من الضروري القول إن ثمة فنانين مدلّلين في الشركة ومن أبرزهم: نجوى كرم التي تعترف بأنها سيدة (روتانا) أو النجمة الأولى فيها، وحين انضمّت إليها النجمة هيفا وهبي ظنّت بأن حالها ستكون حال نجوى كرم وإليسا ولكن ذلك لم يحصل إطلاقاً، فالسياسة بين هيفا والشركة كان عنوانها الأبرز المماطلة· وعلى رغم أن سالم الهندي يؤكد أن هيفا ستجدّد العقد مع (روتانا) إلا أن هذا القول مشكوك فيه لأن هيفا لمّحت مراراً في الآونة الأخيرة الى أنها ستنتج ألبومها على حسابها الخاص ولكنها تركت الباب موارباً ولم تقفله بالكامل إذ ما زال مجال المناورة مفتوحاً فهذه ليست المرة الأولى التي تخرج هيفا فيها من (روتانا) وتعود إليها· للفنان عاصي الحلاني أيضاً قصّة مع (روتانا) فقد غادرها وكان على وشك الانضمام إلى (ميلودي)، إلا أن سوء الإدارة الذي كان يسودها جعل الحلاني يعود في اللحظات الأخيرة إلى صفوف (روتانا) وما زال من ضمن باقة فنانيها· في (روتانا) 55 فناناً يحتاجون إلى مجهود جبار، والشراكة مع روبرت مردوخ لم تأتِ بثمارها فلم نشعر بأي تغيير فيها يُذكر، إذ ما زالت طريقة الإدارة هي نفسها والذهنية الإنتاجية التي تتحكّم بها لم يطرأ عليها أي نوع من التجديد· فالشراكة مع عملاق الإعلام كان يجب أن تدفع (روتانا) إلى أن تصبح قبلة الفنانين خصوصاً الأوائل منهم وهذا ما لم يحصل إطلاقاً بل وغادرها معظمهم· نوال الزغبي انضمّت سابقاً إلى (روتانا) ثم غادرتها ثم عادت إليها لتغادرها ثانيةً نحو (ميلودي)· ويعلن سالم الهندي اليوم أن وائل كفوري عائد إلى (روتانا) بعد أن غادرها بدوره، وكانت إليسا إحدى الفنانات المدللات في الشركة، قد نجحت في مصالحة كفوري والهندي· كان كفوري على وشك الانضمام إلى (ميلودي) لولا سوء المفاوضات وعدم إدراك القيّمين على الشركة بأن المفاوضات بين فنان وشركة إنتاج قد تدوم لأكثر من عام وأن الأخير من الصعب إقناعه بسرعة بالتوقيع على عقد شركة ما مهما كانت أهميتها كبيرة· وفي محاولة للالتفاف على كفوري أصدرت (ميلودي) بياناً بتفاصيل المفاوضات بينها وبينه، الأمر الذي جعل كفوري يصرف النظر كلياً عن الانضمام إليها، ما أعاد (روتانا) إلى الواجهة خصوصاً أنها تُدرك جيداً بأن سوق بيع الألبومات راهناً لا يشجّع على إنتاج ألبومات لفنانين صف ثان بل سيكون التركيز بمعظمه على فناني الصف الأول· ف(روتانا) لم تكن بمنأى عن الأزمة الاقتصادية العالمية إذ تمرّ بدورها بأزمة مادية وإلا لما كانت لتسمح ل(نظام الرعاة) بالدخول إلى سياستها الإنتاجية الخاصة فهي تترك اليوم الحرّية للفنان بالاستعانة برعاة عند تصوير أي فيديو كليب في حال تجاوزت تكلفته القيمة المتّفق عليها· وهذا يعني أن (روتانا) لم يعد لديها ما يُسمى ب(الميزانية المفتوحة)، بل أصبح لكل إنتاج فني سقف لا يمكن تجاوزه· هذا كلّه دليل على أن الشركة في مأزق ما تحاول تغطيته بشتى الوسائل من بينها التوقيع مع وردة والاتجاه نحو التوقيع مع ماجدة الرومي أو الموسيقار ملحم بركات·