ستشهد سوق الانتاج والتوزيع الفني في الجزائر زلزالا قد يؤدي إلى تغيير شبه كلي لخريطة المنتجين الحالية التي كانت تخضع وحتى وقت قريب لاعتبارات خاصة لا علاقة لها بمقاييس المهنة. فأغلب المنتجين الجزائريين يعتمدون على إعادة تسجيل وتوزيع الأعمال الموسيقية لألمع نجوم الغناء الشرقي، وهي السوق التي شهدت في الفترة الأخيرة انتعاشا حقيقيا كان وراء ازدهار مهنة الإنتاج الموسيقي التي لم تكن في الواقع إلا إعادة طبع وتوزيع لألبومات بعقود مازالت حتى الآن محلا لعلامات استفهام كبيرة رغم شرعيتها المستمدة من الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي كان هو الآخر منذ بداية السنة الجارية محل انتقادات واسعة وصلت أصداؤها إلى أروقة البرلمان. سمير بوجاجة ومع بداية الحديث عن التطبيق الصارم للبنود التي تفرضها اتفاقية الجزائر مع المنظمة العالمية للتجارة فيما يخص القرصنة مع بداية العام المقبل، وتأكد خبر إعادة انتخاب مجلس إدارة "لوندا" خلال أيام معدودة، جاء الإعلان عن الاتفاق الذي تم عقده بين شركة "كاديك" التي تعتبر أكبر شركة توزيع في الجزائر، مع شركة "روتانا" للصوتيات والمرئيات التي تعتبر أكبر منتج وموزع في العالم العربي. هذا العقد الحصري سوف يمكن الشركة الجزائرية من توزيع كل إنتاجات روتانا الصوتية والمرئية في الجزائر وكذا مراقبة حركة السوق، حيث يخولها العقد المتابعة القضائية لأي قرصنة أو توزيع غير قانوني لأي من إنتاجات روتانا التي تأمل على المدى البعيد أن تستطيع بواسطة شريكها الجديد الوصول إلى تنظيم مهرجانات ذات مستوى عال واحتكارها بعد أن فشلت مفاوضاتها مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام والتلفزيون الجزائري، هو أمر غير مستبعد بالنظر إلى الثقل الذي تمثله شركة كاديك في السوق الجزائرية، حيث يجري الحديث أيضا عن مشروع سبق ل "الشروق اليومي" أن تحدثت عنه، يتمثل في إنشاء قناة موسيقية مشتركة بين الشركتين تحتكر مجمل الأصوات الجزائرية، وهو المشروع الذي تبنته أيضا وسبقت إليه مجموعة (قروي أند قروي) وستطلقه نوفمبر القادم تحت اسم "التلفزيون المغاربي نسمة). وإذا كانت دوافع الشركة الجزائرية من وراء هذه الاتفاقية واضحة، لأنها بمثابة السقف الواقي لها من السنوات العجاف التي بدأت تكشف عن نفسها والتي ستأتي على الأخضر واليابس، فإن روتانا هي الأخرى لها أكثر من سبب جعلها تسعى لهذه الاتفاقية وأهمها أن وضعها المالي أصبح محل أخذ ورد حيث أكد العديد من الخبراء الاقتصاديين في دراستهم المنشورة في المجلات المتخصصة أن الحالة الصحية لمجموعة "روتانا" ليس كما يحاول القائمون عليها إظهارها، وكل المؤشرات تؤكد بأنها صارت تشكل عبئا ماليا أثقل كاهل "هولدينغ" القابضة السعودية للأمير الوليد بن طلال التي تنطوي تحت مظلته، حيث لم تكف الحقن الإشهارية التي تتحصل عليها روتانا من القابضة في تحقيق توازنها المالي المطلوب، لهذا بات من الضروري البحث عن موارد مالية جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وفي هذا الإطار، جاء بحث روتانا عن أسواق جديدة لمنتوجاتها. ورغم أن نجومها يحققون أعلى المبيعات في الجزائر، إلا أن روتانا لم تكن تقبض عن ذلك أي سنتيم، لهذا فإن أي مبلغ تتحصل عليه يعتبر مقبولا بالنسبة لها. ومن جهة أخرى، فإن القناة سوف تقوم بتسريح ما يقارب 40 مطربا خلال الموسم القادم بعد أن تأكد أن مبيعات أعمالهم لم تغط تكاليف إنتاجها. وستكون السنوات القادمة صعبة بالنسبة لأكبر منتج وموزع فني عربي بعد هروب العديد من النجوم الذين قرروا عدم التعامل مع روتانا مستقبلا، فبعد إيهاب توفيق، رجاء بلمليح، علاء الزلزلي، غادة رجب وخالد عجاج، يجري الحديث حاليا عن رفض كل من محمد فؤاد، عمرو دياب وكاظم الساهر تجديد عقودهم. وعلى الخطى نفسها يسير كل من رضا العبد الله وأنغام.. فأي نجوم ستكون لروتانا في المستقبل؟