لجأ العديد من سكان العاصمة وتماشيا مع الظروف الطارئة المتمثلة في قرب عيد النحر إلى كراء بعض الأماكن التي يملكونها لبائعي الكباش وأكلهم المتمثل في الكلأ (القرط) وبعض الشعير، فلقد دأب بعض المواطنين على مواكبة كل المواسم بما فيها الصيف ومرورا بشهر رمضان والعيد والدخول المدرسي وصولا إلى عيد النحر الذي لابد أن يأخذ العاصمي نصيبه من بعض ما تجود به جيوب الأسر البسيطة المجبرة هي الأخرى على إنفاق كل مدخولها من أجل واجباتها اتجاه أبنائها· وعليه فإن بعض المواطنين الذين يوصفون لدى العامة بلقب (الشاطرين) والذين يعرفون بالخفة وبالتأقلم مع كل الظروف والأوقات، فلا تفوتهم أي فرصة يمكن عن طريقها تكوين بعض الدخل الزائد يعينهم على مصاعب الحياة، ومواكبة لعيد النحر الذي لا يفصلنا عنه إلا أسبوعان تقريبا، عمدت هذه الفئة الموصوفة بالشطارة والخفة إلى اغتنام الفرصة كالعادة من أجل كسب بعض المال من خلال هذه المناسبة، فمنهم من عمد إلى إقحام نفسه في بيع الكباش على الرغم من عدم معرفته بها، حيث تشارك العديد من المواطنين كالجيران مثلا أو الأقارب أو حتى جماعة من أبناء الحي في هذه التجارة الموسمية المربحة جدا، كما اختار بعضهم أن يربح من هذه المناسبة على طريقته من خلال اللجوء إلى كراء بعض أجزاء من بيته إلى هؤلاء البائعين سواء الذين يبيعون الكباش أو حتى الذين اختصوا في بيع الكلأ الذي يعتبر تجارة مربحة، ففي هذه الفترة خاصة بالنسبة للمواطنين الذين عمدوا إلى شراء الكباش قبل مدة كبيرة عن حلول العيد، لذا فإنهم يحتاجون كميات كبيرة ومتواصلة من الكلأ، على أن بعضهم، ولتفاقم تكاليف تغذية الكبش يعمدون إلى التخفيف من هذه المصاريف بإرسال أبنائهم مع الكباش لبعض التلال الخصبة للرعي، إلا أن هذه العملية لا تتم إلا في عطلة نهاية الأسبوع نظرا لأن الأبناء مشغولون بالدراسة وحين عودتهم من المدرسة لا يسمح لهم باصطحاب الكباش في آخر المساء بسبب تأخر الوقت ولكي لا تشتت تركيزهم على الدراسة ومراجعة الدروس، على الرغم من أن هؤلاء أي الأطفال منذ دخول الكباش إلى بيتهم أو حتى قبل ذلك بكثير أي منذ دخول شهر ذي القعدة وحلم الكبش يراود أيامهم ليلا ونهارا، فما بالك إذا حضر إلى بيتهم فلن تنفع أية حصانة ومنع بعد ذلك· وفي ظل هذا المد والجزر أي العرض والطلب المتباينين ما بين المواطنين والبائعين الذين ظهروا فجأة في أوساط الأحياء الشعبية من أجل اقتسام تركة العيد، الذين يبقون هم الرابحون في هذه الصفقة التي استغلها حتى أصحاب المحلات والمخازن المغلقة على طول العام بعد أن ضاقت بهم تكاليف اقتناء السلع وإعادة تهيئتها وأفلست بعد ذلك، فكانت هذه الفرصة لهم لأن يبادروا لإعادة فتحها أمام فئة الشطار لبيع الكباش أو الكلأ مقابل مبلغ مالي متفق عليه بين الطرفين، أو حتى بالمشاركة معهم في الأرباح من خلال السماح لهم باستعمال هذه المحلات لفترة معينة، إلا أن هناك مواطنين يعانون من هذا التعاون خاصة منها السكان المحاذون لهذه الأماكن التي تملأها الرائحة الكريهة جراء فضلات الكباش أو الكلأ الذي تفوح منه هو الآخر رائحة غير محتملة وتتضاعف مع الوقت خاصة مع قلة التنظيف لهذه الأماكن، والمعاناة تتضاعف كما يقول هؤلاء السكان خاصة في الأيام الأخيرة حين يزداد عدد الكباش بهذه الحظائر المؤقتة، حيث يعمد الكثير من أصحاب هذه الكباش إلى استعمالها في العراك فيما بينها، والقمار عليها، وهذه العمليات تحدث جلبة كبيرة في المكان وهذا ما يثير استياء السكان في هذه الأحياء كل عام في هذه الفترة، إلا أن هذا لا يمنع باقي السكان من المشاركة في هذا التجمعات التي تجلب انتباه الجميع إلا أن الحذر دوما واجب لتكتمل الفرحة بذبح أضحية سليمة دون إغضاب المحيطين بنا ودون إفراغ الجيوب·