يشتكي الموظفون ضمن خلايا تقريب الإدارة من المواطن، الذين دخلوا هذا النظام عند بدايته خلال سنة 1996 حين كان تابعا لمحافظة الجزائر الكبرى، فيما يسمى بمديرية النشاط الاجتماعي والحياة الجمعوية، ويعملون حاليا في إدارات ومؤسسات عمومية مختلفة على اختلاف تخصصاتهم، من بيروقراطية الإدارة وتعسف بعض مواد قانون البلدية الذي لم يتطرق إلى هذه الفئة، خاصة فيما يتعلق بالرتب والترقيات، إذ أنه لم يأخذ بعين الاعتبار الشهادات المتحصل عليها من طرف هؤلاء الجامعيين قبل صدور هذا القانون، كما لم يستفد أغلبهم خاصة الذين أدمجوا في البلديات من احتساب الأقدمية التي تقارب العشر سنوات وتفاوت ذلك عند البعض منهم·· بداية المشكلة أصل الحكاية بدأ حسب من التقيناهم من هذه الفئة المهمشة رغم مستواها العلمي العالي، منذ حوالي7 أو9 سنوات، بعد أن عملوا لدى مديرية النشاط الاجتماعي والحياة الجمعوية التابعة لمحافظة الجزائر الكبرى عندما اشتدت المحنة في الجزائر في فترة التسعينيات، وبظهور هوة عميقة ما بين الإدارة والمواطن الذي كان متخبطا في العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية جراء الإرهاب، لهذا أنشئت هذه الخلايا للاطّلاع على مشاكل المواطنين عن قرب والتوجه إليهم مباشرة لإعانتهم على حلها وإدماجهم في الوسط الاجتماعي، وهذه الخلايا تتكون من إطارات دولة موزعة على ثلاثة محاور أساسية وهي، المحور الاجتماعي الذي يضم طبيب عام وطبيب نفسي ومساعد اجتماعي، والمحور الثاني هو الاقتصادي والذي يضم مقتصد ومحاسب وأفراد آخرين متحصلين على شهادات في التجارة والاقتصاد، والمحور الثالث هو العمراني والذي يضم مهندس مدني ومعماري ومهندسين آخرين مختصين في هذا الميدان، وكان نشاطهم كلهم في الميدان، بحيث يتقربون من الأهالي والسكان على حسب المنطقة والبلدية الناشطين فيها، إذ كانت هناك خلية متكونة من هذه المحاور الثلاثة على مستوى كل بلدية، وبعد الاطلاع على أوضاع العائلات وإجراء التحقيقات اللازمة يكتبون تقاريرهم ويرسلونها إلى الجهات المعنية حسب التخصص المطلوب ما بين العمراني والاقتصادي والاجتماعي· ومن النشاطات أو الجهات التي عملت في هذه الخلايا الأولى المنشئة خلال فترة الإرهاب -كما أوضح لنا هؤلاء الموظفون-، أعمال تضامنية مع ضحايا الإرهاب في منطقة بن طلحة وسيدي موسى وأيضا التنقل إلى بعض العائلات في أعالي القصبة الذين عانوا هم كذلك من ويلات هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد حيث كانت عائلات تعاني لوحدها في صمت فكانت هذه الخلايا حلقة الوصل ما بينها وبين الإدارة، فنقلت إليها كل انشغالاتها ومشاكلها المختلفة، كما ساهمت هذه الخلايا في مساعدة ضحايا زلزال بومرداس، وفيضانات باب الوادي، وشاركت في العديد من التحقيقات الاجتماعية بما فيها التعداد السكاني، وبعد انتهاء فترة المحنة جمّد نشاط هذه الخلايا ومكث هؤلاء الناشطون بدون عمل لفترة طويلة، لغاية إعادة إدماجهم ضمن مؤسسات أخرى كما وعدوا بذلك من طرف بلدياتهم والسلطات المحلية· مناصب عمل لا تتوافق وشهاداتهم العلمية وبعد طول المدة وعدم الإدماج قرر أغلبهم البحث عن مناصب عمل أخرى عن طريق إجراء مسابقات توظيف في مؤسسات عمومية برتب أقل مقارنة مع الشهادات التي يحملونها، إلا أن أغلبهم استفاد من احتساب خبرة السنوات التي قضوها عاملين في الميدان في إطار خلايا التقارب، أما البقية الذين انتظروا إدماجهم مباشرة من طرف السلطات المحلية المختصة التابعين لها، فإنهم وبعد انتظار طويل ومرير تم إلحاقهم بمقرات البلديات المحلية كل في نطاق تخصصه، إلا أنهم بنفس الرتبة ونفس طريقة الدفع مع عدم احتساب الخبرة ولا حتى الشهادة، بل هناك من هم حاملون لشهادات عليا يعملون في رتبة واحدة مع موظفين لا يملكون أدنى مستوى· كفاءات مهمشة على سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض النماذج من هذه الفئة ممن تحدثنا معهم وقصوا علينا معاناتهم طيلة سنوات عديدة منذ بداية فترة الإرهاب حين كان الجميع مختبئا في بيته أو في مكتبه، أما هم فكان الشارع مكان عملهم، حيث عملوا في أخطر الأماكن التي كانت تشهد عمليات إرهابية خطيرة ضد المواطنين، فهناك مثلا (س·ن) وهي موظفة في هذا النظام منذ 1998 إلى الآن حاصلة إلى ليسانس في علم النفس، من جامعة بوزريعة، ولم يتم إدماجها إلى الآن حيث لا زالت لحد الساعة تتقاضى نفس الأجر وهي عاملة على مستوى إحدى البلديات بعد إلحاقها بها بعد تجميد نشاط خليات التقارب حيث كانت المسؤولة الأولى عن الخلية التابعة لمنطقتها، ولم تحتسب سنوات الخبرة في مسارها المهني كباقي زملائها، فهي الآن تشغل رتبة ملحق بلدي بعد أن اجتازت مسابقة توظيف على مستوى نفس البلدية لرتبة أقل من مستواها، إلا أنه رغم رضاها بالأقل إلا أن كل حقوقها لا زالت مهضومة، ورغم هذا الظلم واصلت تعليمها العالي بحصولها على الماجستير والآن هي بصدد التحضير لرسالة دكتوراه، وقد كان موضوع رسالة الماجستير الخاصة بها حول خلايا التقارب والأعمال التي قاموا بها في الفترة الحرجة التي مرت بها البلاد والمعاناة التي يعيشها هؤلاء الموظفون الأوائل الذين شاركوا في هذه العملية، والملفت في الأمر كما تضيف محدثتنا أن هناك موظفين في نفس البلدية دون المستوى يحصلون على رتب عالية أكثر من الجامعيين لاحتساب أقدميتهم، وهم الحاملون للشهادات ورغم عملهم منذ سنوات التسعينيات إلا أنهم ظلموا بتغييب هذه السنوات عن خبرتهم المهنية خاصة مع قانون البلدية الجديد في المادة 33 منه· أما (ت·س) التي عملت في الخلية من 1996 إلى غاية ديسمبر 2004 ثم أجرت امتحان للفوز بمنصب ملحق بلدي والذي يكون مستواه المطلوب هو البكالوريا + سنتين، وبعد فوزها تم إدراجها بالبلدية لكن لم يتم احتساب الخبرة المهنية لهذه الفترة علما أنها عملت بنفس البلدية كمنسقة للخلية، وغيرهما كثيرون· وللإشارة فإن هؤلاء عينة فقط ممن همّشوا وغيبت خبرتهم المهنية بعد اجتيازهم لمسابقة توظيف لمناصب أقل من مستواهم قبل صدور قانون البلدية، وبعد صدور القانون لم تحتسب لا خبرتهم ولا الشهادات المتحصل عليها قبل الالتحاق بهذه المناصب، أما الفئة التي اختارت اتجاها آخر ولم تنتظر إلحاقها للبلديات وتوجهت للمؤسسات العمومية فإن أغلبها استفاد من احتساب الخبرة، فمثلا هناك (ذ·ب) متحصلة على ليسانس في الحقوق تم تعيينها كمتصرف إداري بعد اجتيازها لمسابقة التوظيف خلال سنة 2004 واستفادت من احتساب سنوات الخبرة المهنية ضمن خلايا التقارب، أما (ت·ي) وهو مهندس مدني استفاد من منصب في مؤسسة عمومية سنة 2001 وتم احتساب خبرته المهنية في الخلايا منذ 1998، و(ل·س) هو مهندس معماري عمل في الخلية منذ مارس 1998 إلى 2003 والآن هو موظف في مؤسسة وطنية وتم احتساب خبرته العملية في الخلية· الخلايا الجديدة تتخلى عن ذوي الخبرة بعد تجميد نشاط هذه الخلايا التي أنشئت في سنوات المحنة، فقد عاودت السلطات المحلية إنشاء خلايا أخرى جديدة بموظفين جدد، وهناك الآن حوالي 6 خلايا على مستوى ولاية الجزائر وهي الآن تابعة للتضامن الوطني، وتوجد في كل من واد قريش والمرادية، الكاليتوس والسويدانية، باش جراح والجزائر الوسطى (ملحقة الإخوة بليلي)، وهم يتقاضون أجرا أحسن من الموظفين ذوي الخبرة الذين سبقوهم في هذا الميدان، والذين لا زالوا يعانون من عدم الإدماج مع عدم احتساب سنوات الخبرة والشهادات المتحصل عليها قبل صدور قانون البلدية، كما كانوا يأملون أن يعاد إدماجهم في هذه الخلايا بدل أن يؤتى بموظفين جدد ليس لديهم خبرة، في حين يعانون من رتب أقل وبأجور لا تصلح لقوت يوم واحد في ظل ضيق الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسرة الجزائرية· مطالب فورية بإعادة النظر في وضعياتهم هؤلاء الموظفون الحاملون لمستوى علمي عالي ولخبرة ميدانية كبيرة في سنوات المحنة، عملوا في أحلك الظروف والآن يشعرون أن السلطات تخلت عنهم بإلحاقهم بمناصب أقل من مستواهم مع عدم احتساب كل سنوات خبرتهم الميدانية، في حين يرون في الجانب الآخر وغير بعيد عنهم أشخاصا دون مستواهم يتدرجون في رتب أعلى ويحتلون مناصب عليا لا تكون إلا لحاملي الشهادات وذوي الخبرة، فرغم أنهم رضوا بالأقل من خلال اشتغال أغلبهم في مناصب كملحق إداري والذي يكون مستواه شهادة البكالوريا + سنتين من الدراسة في الجامعة، فلم تحتسب لا الشهادة ولا الأقدمية ولا القانون الجديد قام برعاية حقوقهم وضمان مسارهم المهني، لهذا فإن هؤلاء الموظفين الذين عملوا مع بعضهم في خلايا التقارب ولا زالوا إلى الآن يتعارفون مع بعضهم رغم اختلاف مواقعهم، إلا أنهم يلتقون لمناقشة مشاكلهم المعلقة، فأغلبهم فقد الأمل في الإدماج ورضي بالقليل في ظل هذا الظلم المستمر منذ سنوات طويلة، رغم الشكاوى المقدمة لعدة جهات رسمية بداية من البلديات إلى السلطات المحلية لولاية الجزائر، إلا أن الردود إما أن تكون سلبية أو لا تكون أبدا، لذا فقد اتفقوا على كتابة شكوى إلى رئيس الجمهورية مع تنظيم احتجاج كبير في الأيام القليلة القادمة إذا لم تحل هذه الأزمة التي ظلمت كفاءتهم وأعاقت تقدمهم المهني و العلمي، إذ أن أغلبهم يفكر في الهجرة خارج الوطن عله يلقى هناك دعما لمستواه وخبرته الميدانية التي لا تقدر بالذهب، فهل من مجيب لنداء الكفاءات في هذا الوطن؟