تنتظر العائلات الجزائرية بعد اقل من أسبوع تقريبا، أول السنة الهجرية الجديدة، أو الفاتح من شهر محرم، وكعادتها دائما، فان الكثير من العائلات عبر مختلف مناطق الوطن، تعتز بهذه المناسبة الدينية العظيمة، وتحضر للاحتفال بها، ويأمل الكثيرون أن تكون بداية سنة هجرية مليئة بالخيرات والبركة، وتميل العديد من الأسر إلى اختيار أول السنة الهجرية أو الفاتح من محرم، الاحتفال به، والتحضير له، أو السنة الامازيغية المصادفة ل13 من يناير، بعيدا عن الاحتفالات بالسنة الميلادية الجديدة، التي لها عشاقها أيضا، فيما أن الأسر الجزائرية البسيطة والمحافظة، التي لا تزال متمسكة بعاداتها وتقاليدها، تحرص على أن تكون احتفالاتها بأول محرم، عادة سارية بين أبنائها على مدى الأجيال المتعاقبة. وعلى هذا يحتل الأول من محرم، في قلوب عدد من العائلات الجزائرية المحافظة، مكانة خاصة ومقدسة، ولذلك فهم يخصصون لها ميزانية معتبرة لاقتناء المستلزمات الخاصة بها، بدءا من حلوى "التراس"، وهي حلوى تتكون بالأساس من بعض المكسرات كاللوز والجوز والفول السوداني، بالإضافة إلى الشوكولاطة والتمر والقسطل، وكذا أنواع أخرى من الحلويات المختلفة الأشكال والألوان والأذواق، حيث يتم خلطها جميعا وبيعها بالكيلوغرام الذي يصل سعره إلى 400 أو 500 دج، أو حسب الكمية التي يريد اقتناءَها كل مواطن تبعا لقدرته الشرائية، وهي حلويات كثيرا ما تدخل البهجة والفرحة على نفوس الصغار والكبار معا، نظرا لما تختزنه عقول هؤلاء منذ أجيال كثيرة، من أنها فال خير وبركة في العام الجديد، ولا يمكن الاستغناء عنها، كي تكون السنة الجديدة مليئة بالبهجة والأنس والخيرات. ومن العادات المتبعة في هذا الإطار، أن تقوم بعض العائلات باختيار قصعة من الحجم الكبير، ووضع أصغر طفل في العائلة بداخلها، ثم صب تلك الحلويات فوق رأسه، كي تكون السنة خصبة وحلوة أيضا، ثم يقومون بحمل تلك الحلويات وتوزيعها على بقية أفراد العائلة في أجواء أسرية حميمية، وإذا كان بعض الجزائريين يقبلون على شراء هذه الحلوى، فإن آخرين يعيبون على بعض التجار، لجوؤهم إلى تغيير كميات بعض المكونات فيها، وزيادة بعضها على حساب البعض الآخر، كمضاعفة كمية الحلويات والعلك والتمر، والتقليل من كميات الجوز واللوز، وهو ما يدفعهم إلى اقتناء هذه الأخيرة واقتناء أنواع أخرى من الشوكولاطة والحلويات، وصنع "التراس" بأنفسهم، بحسب رغباتهم. ولا تهمل أية عائلة اقتناء الدجاج أو اللحم، وكذا بعض المعجنات التقليدية التي يتم استهلاكها في هذه المناسبة بالذات، كالرشتة والكسكسى، والشخشوخة وغيرها، وفي الغالب فان الأسرة الجزائرية تسعى خلال هذه المناسبة الدينية الغالية في قلوبها، إلى الاشتراك في الاحتفال بها بدعوة كل أفراد العائلة خاصة الأبناء المتزوجون والأحفاد، و بعض الأقارب أيضا، كي يشترك الجميع في بركة ذلك اليوم المميز الذي شهد هجرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وبداية التقويم الإسلامي الهجري، فتجتمع الأسرة على الأحاديث الطيبة والمائدة التقليدية المتنوعة و التمنيات بسنة جديدة تكون أحسن وأفضل من سابقتها وأكثر بركة وخيرا، ولا يفوت أفراد الأسرة الصلاة جماعة والدعاء لكل منهم، أن يمنحه الله مراده في السنة الجديدة. وتحرص العائلات على اقتناء الدجاج على وجه الخصوص، رغم أن عيد الأضحى المبارك لم يمر عليه إلا أيام قليلة، ولكن العائلات الجزائرية تفضل اللحوم البيضاء لإحياء محرم، فيما توفر كميات من لحم الأضحية لمناسبة عاشوراء التي لا تقل أهمية بدورها.