يحتفل الأمازيغ في الجزائر يوم 12 يناير الجاري بحلول السنة الامازيغية الجديدة 2959 المعروفة اختصارا ب"يَنَّايَر".هذا الحدث يعتبر موعدا احتفاليا تسوده البهجة لدى أغلبية المغاربة الذين يسترجعون في هذه المناسبة روابط المحبة والتضامن المعهودة لديهم. عرفت الاحتفالات برأس السنة الامازيغية في السابق طابعا تقليديا بعيدا عن كل مغزى اجتماعي أو تاريخي عكس السنوات الأخيرة التي شهدت صحوة وحركية مست جانب الهوية الوطنية مما كشف عن اهتمام وعناية أكبر بالتاريخ الوطني، فالاعتراف الرسمي بهذا اليوم يفوق البعد التقليدي لهذا الحدث ليصبح حدثا تاريخيا لشعب برمته. ومن الفرضيات المتطرقة لمصدر يناير ليس باعتباره رزنامة فلاحية بل من خلال نشأته، هناك من يقول إن نشأة يناير تعود إلى حدود الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين التي عرفت جلوس أول أمازيغي على عرشها. واختار الامازيغ تاريخ 950 قبل الميلاد كبداية للتأريخ للسنة الامازيغية. وتقول الروايات إن بداية السنة الأمازيغية تعود إلى انتصار الملك الأمازيغي شاشناق على الفراعنة في معركة وقعت على ضفاف النيل سنة 950 قبل الميلاد. ومنذ ذلك الحين شُرع في التأريخ للسنة الأمازيغية. ويؤرخ الأول من يناير الموافق ل12 جانفي لبداية السنة الفلاحية التي تحتفل بها الشعوب من خلال طقوس ترمز إلى الخصوبة والتضامن. ومن ضمن التقاليد المعهودة بهذا الاحتفال تحضير أطباق وأكلات خاصة وإقامة حفلات تعكس تراث المنطقة، ويعتبر طبق "عشاء يناير" الكسكسي بالدجاج تلك الرمزية التي تعد بسنة مليئة بالثراء والتطور. واليوم أصبحت الجزائر تحتفل برأس السنة الأمازيغية من خلال إقامة طقوس تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي منطقة القبائل تقوم العائلات بتحضير أطباق تقليدية مثل الكسكسي بلحم ديك يتم ذبحه في المنزل، كما تقوم بعض العائلات الأخرى بوضع الحناء للأطفال، وأخرى تجعل هذه المناسبة فرصة لختان الأطفال. وهي في الغالب احتفالات ترمز إلى العلاقة الموجودة بين الإنسان والطبيعة. أما أمازيغ الصحراء المعروفين باسم التوارق فيحتفلون بهذا اليوم على طريقتهم الخاصة ويعدّون أطباقا تقليدية ويقيمون احتفالات على أنغام ورقصات ترقية. ويحتفل سكان الشنوة نسبة إلى جبال الشنوة الواقعة بولاية تيبازة بإعداد أنواع من الخبز باستخدام أعشاب يتم جمعها من البراري. ونفس الاحتفالات تعرفها مناطق أخرى من الجزائر بما في ذلك غير الأمازيغية. فمناطق الغرب لا تفوّت الاحتفال ب"ينّاير" حيث يجتمع أفراد العائلة مباشرة بعد صلاة المغرب لتناول العشاء معا وتوزيع الهدايا على الأطفال. ويتزامن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في الجزائر بإقامة العديد من التظاهرات الثقافية والندوات الفكرية لتسجيل التنوع الثقافي الذي تعرفه البلاد. وبادرت المحافظة السامية للأمازيغية بالتنسيق مع ولاية تيبازة وبمشاركة جمعية "أصدقاء جبل الشنوة" بتنظيم يومين احتفاليين بعنوان: "يناير: هوية، رمز وتقليد" في 11 و12 من الشهر الجاري، إلى جانب تنظيم معارض للصناعات التقليدية، وحفلات موسيقية ينشطها فنانون جاءوا من مختلف مناطق الوطن. ولكن هذه العادات والتقاليد لم تبق في طابعها الاحتفالي والتاريخي فقط، بل امتد الطابع السياسي إليها بحيث طالبت المحافظة السامية للأمازيغية التابعة لرئاسة الجمهورية بتصنيف 12 يناير من كل عام كعيد وطني، وترسيمه كعطلة رسمية مدفوعة الأجر على غرار رأس السنة الهجرية والميلادية على السواء.