يشتكي أغلب المواطنين المتنقلين بين مختلف محطات النقل البري بالعاصمة من نفس المشكل تقريبا، والذي بات بمرور الوقت أمرا روتينيا وعاديا لدى الجميع، فأغلب الناقلين الخواص يتعمدون ملء حافلاتهم عن آخرها بالركاب، حتى تصبح وكأنها علب من السردين، وهو ما من شأنه أن يتسبب في خلق العديد من المناوشات التي تصل في أغلب الأحيان إلى صراعات واشتباكات بالأيادي ومشادات كلامية تستعمل فيها مختلف الكلمات البذيئة التي تهز الأبدان، بين الركاب وأصحاب هذه الحافلات· هو الأمر الذي لمسناه في إحدى أكبر محطات النقل بالعاصمة، فمن خلال استعمالنا لخط النقل الرابط بين باش جراح والحراش، رأينا العديد من هذه الصراعات، في هذا الإطار يقول أحد المواطنين المستعملين لهذا الخط إن التنقل في هذه الحافلات صار يشبه الجحيم، نظرا للتجاوزات اليومية التي يمارسها أصحاب الحافلات عليهم، ليضيف لنا بأنه لطالما وقع في مناوشات مع هؤلاء السائقين أو القابضين نتيجة لإصرارهم على ملء حافلاتهم بالركاب، ليتساءل كيف لحافلة تتسع ل 30 راكبا، يصل عدد الركاب فيها إلى 45 راكبا لولا حب الربح السريع والحنكة والفطنة التي يتمتع بها أصحاب الحافلات لتبلغ درجة الاكتظاظ بهذه الحافلات إلى درجاتها القصوى، فعلى حد تعبيره فإن هذا الوضع الذي أضحى يتكرر يوميا من شأنه أن يعرض حياة الركاب للخطر في كثير من الأحيان، كما يتسبب في تأخيرهم عن القيام بأعمالهم خصوصا أن الحافلة لا تبرح مكانها في المحطة، إلا إذا امتلأت عن آخرها بالركاب الجالسين والواقفين· مواطن آخر قال بأن أغلب هؤلاء الناقلين يستعملون حجة واهية لملء الركاب في الحافلات، حيث يدفعك للصعود بحجة أنه هناك من سينزل في المحطة التالية، لتجد نفسك بعدها واقفا في رواق الحافلة، وفي مسافة لا تتسع حتى لوقوف طفل صغير، ليضيف بأن هذا يعد أمرا عاديا بالنسبة للسائقين الذين اعتادوا على مثل هذه التصرفات والسلوك الغريب· من جهتهم أصحاب الحافلات لم يرفضوا الاتهامات الموجهة لهم، إذ لم ينفها البعض بل عملوا على تأكيدها، ليقول الشاب (ع·خ) والذي يشتغل قابضا بإحدى هذه الحافلات، إنه وزملاؤه يقومون فعلا بملء حافلاتهم، غير أنهم لا يجبرون المسافرين على الصعود واقفين، فكل من يصعد على متن الحافلة التي لا يكون فيها أي مكان شاغر، يصعد وهو على يقين تام بعدم راحته، فلماذا يرجعون اللوم علينا، وهم وحدهم أصحاب القرار في الصعود أم لا، وأيضا توجد عدة حافلات أخرى تنتظر، فلما لا ينتظر هو أيضا إذا ما أراد أن ينعم بالراحة والأمان، وهو الأمر الذي وافقهم فيه العديد من المواطنين، فعلى حد قول أحدهم فإن المسافرين وحدهم الملامون على هذه الحالة الفوضوية التي يعرف بها قطاع النقل بالجزائر، ليضيف عندما تكون الحافلة مكتظة فالمواطن وحده صاحب القرار الذي يتخذه بالصعود، وليس السائق أو القابض، من يمسكه من يده ويجبره على الصعود عنوة، -فحسبه- هذه المسألة متوقفة بيد المسافرين، فإذا انتظر كل واحد منهم الحافلة الموالية من الممكن تفادي هذه الشجارات التي لا تحمد عقباها·