يبدو أن الاحتفالات برأس السنة الميلادية باتت عادة تطبع مجتمعنا بعد أن رأى البعض ضرورة الاحتفال بها، فيما يرفض البعض الآخر ذلك ويرى أنها أعيادٌ دخيلة على مجتمعنا الإسلامي، ويبرر المحتفلون دوما موقفهم من الاحتفال بها على أنهم اعتادوا العمل بالعام الميلادي وانقضاؤه يعتبر حدثا في حياتهم ومن شأن السنة الميلادية الجديدة أن تفرض عليهم مراجعة أنفسهم واسترجاع ذكرياتهم وما مر عليهم في السنة الماضية· هي الأجواء التي تعرفها عدة مقاطعات بالعاصمة أبت في كل عام إلا خلق أجواء حيوية في المنتصف الثاني من شهر ديسمبر مع بدء العد التنازلي لحلول العام الجديد على غرار ميسوني، ساحة أول ماي، ساحة الشهداء، باب الوادي، وغيرها من نواحي العاصمة بحيث أن المار من هناك يحس أننا على وشك نهاية السنة ودخول العام الجديد· وهي الأجواء التي لا نسجلها في نواحي أخرى والتي تعرف السكون إلا أن بعض نواحي العاصمة التي تعدُّ قلبها النابض عهدت على التماشي مع المناسبات مهما كان نوعها سواءً المناسبات الدينية أو نهاية السنة الميلادية بحيث هبَّ الشبان إلى عرض مختلف الحلويات التي يكثر عليها الإقبال تزامنا مع انقضاء السنة الميلادية على غرار الشكولاطة وأنواع المكسرات وحتى (التراز) يبدو أنه لم يعد عادة جزائرية محضة مرتبطة بالمواسم الدينية بل أقحم في تلك الاحتفالات الدخيلة التي تبعد عن ديانتنا وعن تقاليدنا وأعرافنا إلا أن حب التقليد أعمى الكثيرين وأبعدهم عن دينهم· وعلى الرغم من أن هناك تجارا لا يتفاعلون مع الاحتفال بالمناسبة إلا أن الإقبال الكبير للمواطنين على تلك المستلزمات يفرض عليهم تحويل تجارتهم إلى بيع شتى أنواع الحلويات وكذا المكسرات بحثا عن الأرباح، والأدهى من ذلك حتى شخصية (بابا نوال) بلحيته البيضاء ولباسه الأحمر ستتصدر تلك الطاولات بما يتنافى مع تعاليم ديننا ويقرب إلى الديانة المسيحية، ناهيك عن الشجرة التي ستظهر هي الأخرى على واجهات المحلات وللأسف تشجيعا على الاحتفال بتلك الأعياد التي لا تخصنا ولا تتعلق بنا· في هذا الصدد اقتربنا من بعض المواطنين واغتنمنا حومهم على تلك الطاولات فاختلفت آرائهم بين مؤيد ومعارض للاحتفال بنهاية السنة الميلادية، الشاب عادل قال إنه يرفض الاحتفال بتلك المناسبات وإشراك المسيحيين في أعيادهم وتساءل هل هم يشاركوننا في أعيادنا بالتأكيد لا، بل يضيقون على الجاليات العربية الخناق في الاحتفال بأعيادها الإسلامية في الخارج، وأكد مرة ثانية أنه لا يؤيد الاحتفال برأس السنة الميلادية كما أن ديننا الحنيف يشتمل على الكثير من الأعياد والمناسبات الدينية بأبعادها الروحية وبكل ما تهدف إليه من معاني سامية· نفس ما راحت إليه الآنسة إيمان التي بينت تعجبها من الاحتفال بمناسبة تبعد عنا بعد السماء عن الأرض وقالت إن ما يدهشها أكثر هو اصطفاف مجسمات الشخصية المعروفة في أعيادهم وهو (باباهم نوال) وتجرأ البعض حتى على عرض شجرة المسيح بما يهدف إلى التجسيد الفعلي لمظاهر الاحتفال بعيد المسيح· وهناك من راحوا إلى الاحتفال بممارسة بعض الطقوس كاقتناء الشكولاطة وكعكة (لابوش) واعتبروا أن ذلك هو من باب الفال الحسن بالسنة الجديدة لا أقل ولا أكثر بالنظر إلى العمل بأشهرها ما أوضحته السيدة أسماء التي قالت إنها تقتني بعض المحليات إلى الأبناء لا أقل ولا أكثر، ولا تحضر وجبة خاصة في تلك الليلة مثلما يفعله البعض بحيث تذهب بعض الأسر إلى تحضير الأطباق التقليدية خصيصا في تلك الليلة· وبين مؤيد ومعارض للاحتفال برأس السنة الميلادية تبقى المناسبة بعيدة عن مجتمعنا ولا يجوز الاحتفال بها من الناحية الشرعية كونه لم يسجل على سلفنا الصالح الاحتفال بتلك الأعياد·