يبدو أن التحضير للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة التي هي على بعد أيام قلائل غطى نوعا ما عن الاحتفال بالسنة الهجرية الجديدة الأقرب للمسلمين، ذلك ما ميزه غياب أجواء الاحتفال بها عبر الأسواق والأزقة فغاب حتى "التراز" الذي يعد الحاضر الأول في مثل تلك المناسبات إضافة إلى غياب رسائل التهنئة عبر الهواتف النقالة وهي التي تحضر بقوة في الاحتفال بالسنة الميلادية، ولم يجسد الاحتفال بالسنة الهجرية سوى الأطباق التي حضرتها العجائز والنسوة في البيت والأدهى من ذلك أن هناك العديد ممن كانوا يجهلون المناسبة ولم يُشعرهم بها سوى تنقلات النسوة عبر الأسواق للتبضع خصيصا لتلك الليلة. الاحتفال بالسنة الهجرية في بلادنا لا يزال محدودا ولم يصل إلى مستوى الاحتفال بالسنة الميلادية التي تطبعها أجواءٌ خاصة والظاهرة من قوالب الحلويات التي تأخذ شكل شجرة المسيح والحضور القوي للشكولاطة التي تملأ كامل الأسواق وطاولات البيع إلى جانب حضور التراز الذي تنفرد به المناسبات الدينية، إلا انه أقحم في تلك المناسبات النصرانية المحضة إلى درجة غيابه عن المناسبات الدينية أحيانا. ذلك ما سجلناه عبر بعض الأسواق التي غاب عنها "التراز" وغابت معه أجواء الاحتفال بالسنة الهجرية، ولم يجسدها سوى اصطفاف العشرات من العجائز والشيوخ بالقصابات لاقتناء الدجاج واللحوم والرشتة والمسمن لتحضير الأطباق التقليدية وذلك اضعف الإيمان، نظير ذلك نجد أن الاحتفال بالعام الميلادي الجديد يبدأ التحضير له قبل أسابيع بدليل الإعلانات التي شرعت فيها وكالات السفر والفنادق والمتعلقة بالاحتفال بتلك الليلة، ناهيك عن الطاولات المزدانة بشتى أنواع الحلويات والشكولاطة والتي سيتربع عليها مع مرورالأيام "بابا نوال" الذي سيخطف عقول الصغار لا محالة تزامنا مع عطلتهم الشتوية. أضف إلى ذلك تبادل الرسائل القصيرة التي يشبه جوها جو العيدين المباركين وربما أكثر، ناهيك عن عبارات عام سعيد أو "بون آني" التي ستملأ كامل الأزقة والشوارع، والتي لم نسمعها قط بمناسبة الاحتفال بالسنة الهجرية، كل تلك الدلائل تؤكد أن الاحتفال بالسنة الميلادية لازال طاغيا على عقول الكثيرين إلى درجة تجسيد ذلك عن طريق المرور بالعربات عبر بعض الولايات بعد الظهور على هيئة بابا نوال من اجل خلق أجواء مميزة تشجع على النصرانية، ذلك ما حدث بولاية تيزي وزو في العام الماضي بحيث مرَّ احدهم وهو متنكر في زي بابا نوال وكان يوزع شكولاطة على الأطفال في أواخر شهر ديسمبر من السنة الماضية. ولاحظ الجميع قلة الأجواء الاحتفائية التي ميزت السنة الهجرية الجديدة والتي لم يطبعها سوى تنقلات النسوة اللواتي أبين إلا خلق ولو جزء بسيط من تلك الأجواء الاحتفالية عن طريق تحضير بعض الأطباق التقليدية التي وُفرت موادها الأساسية في الأسواق على غرار الرشتة والمسمن والتريدة... والتي تدخل أساسا في تحضير الأطباق التقليدية المميزة لتلك الليلة وهناك شبان لاحظوا تلك الحركية إلا أنهم كانوا يجهلون فحواها، ذلك ما يبرز التأقلم أكثر مع الاحتفاء بالسنة الميلادية البعيدة عن ديننا الإسلامي الحنيف فحتى "التراز" غاب عن بعض الأسواق الشعبية على غرار مارشي 12 كأعرق سوق في العاصمة، وحلت محله أكياس الشوكولاطة والحلويات المزينة بطريقة جذابة والتي سبقت حلول السنة الميلادية بكثير.