** هل مسألة الحلال والحرام في الأطعمة تكون في اللحوم فقط؟ وفي الأشربة هل هي في الخمر فقط؟ * إن القاعدة الشرعية التي تبين حكم التعامل مع مكونات الطبيعة وما أوجده الله عز وجل فيها هي أن الأصل في الأشياء الإباحة، لقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية:13]، إلا ما ورد نص على تحريمه، وهو محدود ويسير، فمما بين الله تحريمه في الكتاب ما ورد في اللحوم: يقول الله سبحانه في سورة الأنعام الآية 145: [قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ]، ويقول تبارك وتعالى في الآية الثالثة من سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ···}، وبالنسبة للأشربة، يقول عز وجل في الآية التسعين من سورة المائدة: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ]· وقد نص العلماء على حرمة كل طعام نجس أو مخالط للنجاسة، حيث يقول الإمام الخرشي رحمه الله في شرحه للمختصر: (المباح تناوله في حال الاختيار من غير الحيوان أكلا أو شرباً طعام طاهر ولا عكس، فخرج النجس بنفس كالبيض المذر أو بمخالطة غيره كالأطعمة المائعة إذا خولطت بنجس· اه·)، وبالنسبة للمائع لا يحرم منه ما كان نجساً فقط بل ما كان مضراً بالبدن أو العقل أيضاً، فكل مشروب مؤثر على العقل يحرم شربه، مهما كان اسمه، ففي السنن من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، ذلك لأن من مقاصد الشريعة حفظ الدين والعقل والنفس والجنس (النسل) والمال، وهي المعبر عنها بالكليات الإنسانية الخمس· لذا عمد الشارع الحكيم إلى تحريم كل ما من شأنه أن يخل بتحقيق هذه المقاصد، وقد أحل الله تبارك وتعالى لنا كل طيب وحرم علينا كل خبيث، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ···}[المائدة:4]· ويقول تعالى في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ···} [الأعراف:157]، والله أعلم·