حالة من الرعب، بل قد تصل إلى الذعر، يعيشها العالم حالياً بسبب انتشار أنفلونزا الخنازير التي أصبحت خطرا يهدد الجميع وأصبحت مواجهتها مسؤولية الكل للقضاء عليها في أسرع وقت، وكلنا نعلم أن الانتفاع بالخنزير حرام على المسلمين، ونعلم أيضاً أن هناك الكثير ممن ينتفعون منها سواء يقومون بتربيتها أو ببيعها، ومن ثم وجب علينا توضيح رأي الشرع في ذلك، وتوضيح حكم انتفاع المسلم من الخنزير بأي شكل كان• في البداية يؤكد الدكتور نصر فريد واصل المفتي الأسبق أن لحم الخنزير حرم في الإسلام بنص القرآن، وهو قول الله تعالى:''إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ''، ولا يجوز بحال من الأحوال لمسلم أن يتناول منه شيئًا، مطبوخا أو غير مطبوخ، إلا في حالة الضرورات التي تتوقف فيها صيانة حياة الشخص على تناوله، كما لو كان في مغارة، ولا يجد طعامًا سواه وفقًا لقاعدة أن ''الضرورات تبيح المحظورات''، وهي القاعدة التي جاءت فيها الشريعة الإسلامية بفتح باب الحلول الاستثنائية المؤقتة لظروف استثنائية عارضة• وحكم الشريعة يجب أن يكون صالحًا واقعًا لجميع الناس في جميع الأماكن، ولذلك وجب أن يكون التحريم عامًا شاملاً، وعلى المسلم المؤمن عدم رفض حكم الشريعة إذا لم تظهر له حكمته، أي عليه قبول الحكم الشرعي في التحليل والتحريم متى ثبت وجود النص سواءً فهم الحكمة في ذلك أم لم يفهمها، وذلك لأن الكثير من الأحكام من أول عهد الشريعة إلى هذا العصر ظل مجهولاً حتى اكتشفت الوسائل العلمية الحديثة هذه الحكم• ويضيف الدكتور واصل: أنفلونزا الخنازير ابتلاء ابتليت به الإنسانية ونسأل الله أن يرفع البلاء والعثراء عن الناس أجمعين ومواجهة هذا الوباء مسؤولية مشتركة لابد أن تتضافر فيها الجهود وتتكامل ويقوم كل فرد بدوره، فللمجتمع دور لا يمكن للحكومات أن تقوم به بمفردها، وللحكومات دور لا يمكن للأفراد القيام به• ويقول الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: هناك أحكام فقهية ينبغي مراعاتها عند التصدي لهذا الوباء إن قتل الخنازير سواء كانت مصابة أم خوفاً من حملها للمرض مستقبلا جائز لقول النبي صلى الله عليه وسلم:''لا ضرر ولا ضرار'' ولقوله تعالى:''وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ''• ويتفق مع الدكتور صبري في الرأي الشيخ فرحات السعيد المنجى من علماء الأزهر، والذي يؤكد أن المسلم الذي ينتفع بالخنزير سواء بالأكل أو بالبيع والشراء وهو على علم بحرمانيتها فهو آثم لقوله تعالى:''حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً''• (المائدة 3)•