يا خاتم المرسلين·· غدا يوم فيه ولدت، أطمح -ولعلك تصفح- في أن أبعث لك برسالة -مقتضبة- أطمئنك فيها على أحوالنا، أو أشكو لك مصابنا·· أنا لا أعرف·· لكني يا رسول اللّه أودّ لو أفضفض لك، وأكون في معيتك للحظات، أتطيّب فيها بذكرك وأصلّي فيها عليك وأتخيّل لو·· لو أنك تحبني، وأتخيّل لو·· لو أنني لا أحمل كل هذه الذنوب التي تعيقني من الاقتراب منك، والتودّد إليك· أيها الرسول الكريم الذي لا يرد سائلا جاء يسعى إليه·· ما أحوجني لهذا الحديث! أوطاننا يا نبي اللّه لم نعد نعرفها، اختلطت فيها الأمور، تغيرت أحوالها؛ لا ندري إن كانت للأفضل أو الأسوأ، الفصل بين الشيء ونقيضه لا يجد -في زماننا- ما يميزه! وهب اللّه الشباب عزيمة فراحوا يهتفون بسقوط أنظمة فاسدة -كالحلم- تهاوى البعض منها بسرعة·· فامتلأت قلوب -لم تذق طعم الفرحة- بالفرحة·· لكنها فرحة لم تدم يا حبيب اللّه، إذ دائما هناك من يسرقها·· من يصرخ في الوجوه الثائرة على الظلم، ويتهم أصحابها بالظلم! يكيد لهم، ويتجرأ عليهم بعصي، وقنابل، ورصاص، يفقأ قلوب الرجال وعيونهم، ويدمي الأطفال·· تبكي أمهات ثكلى في آلاف البيوت، فلا تعثر على من يقتص لها ويقيم عدل اللّه· بلادنا يا رسول اللّه امتلأت بالشهداء والقتلة في مصر يمرحون، ويضحكون، ويحملون مصاحف بين أيادٍ ملوثة بالدماء، والإسلام الذي هو رسالتك للناس أجمعين تحول إلى تجارة يتكسب منها أقوام مقاعد عالية يجلسون عليها فيرون الناس صغارا فلا يعبأون بحوائجهم ولا يلتفتون لأحوالهم· وتجري الدماء في سوريا أنهارا، تُقتلع الحناجر، وتُقّطع الأيدي، ويموت الرضع تحت قصف المدافع، وليس هناك من يدفع ظلم رجل واحد تجبر في الأرض، وسعى فيها فسادا، ومازال يقتل شعبه ليضمن مقعده الدائم في دنيا مات فيها رسول الله! يا سيدي: هناك من يشبه بشار مثل صالح في اليمن، الذي أغرق الوطن بالدم، ونجا منها بحصانة تنتهي صلاحيتها حين يموت·· ومات ملك الملوك القذافي على أيدي شعبه بعد أن اختبأ منهم في ماسورة صرف صحي، بينما فر بن على، ومازال مبارك يعيش في رغد يطلق عليه العسكر (محبسا)! أهتفُ يا رسول اللّه، للّه أن يصفح عنّا ويسامحنا إن كنا تجاوزنا فأهملنا سنّتك، ورحنا نتمسك بعقولنا الفقيرة التي تقيد رؤيتنا، وتفرقنا بعد أن اجتمعنا على الخير، وكنا كالبنيان المرصوص يشد بعضنا بعضا·· أغرتنا كثرتنا في الشوارع والميادين فقلنا لن نهزم بعد اليوم، فلم يمض اليوم إلا وتمخض عن هزائم تجر وراءها هزائم، حتى إننا لم نعد قادرين على العد·· نعدو فنربح الخسارة، بعد أن نصرنا الله، وابتعدنا عن الله بعد النصر·· يوم مولدك بشارة للعالمين فاللّهم اجعل البشرى من نصيبنا·