** أنا شاب أعزب، وضعي المادي متواضع جدا، لا أستطيع الزواج في الوقت الحالي إلا إذا اقترضت مبلغًا ربويًا، أو اتبعت الطرق الملتوية·· تقدمت لخطبة فتاة، وفي الفترة الأخيرة صممت على أمر لا أدري ما هي عقباه، أردت أن أتقدم لخطبتها رسميا وأعقد القران عليها، ولكن خفت أن أظلمها بطول المدة قبل إعلان الزواج وانتقالها إلى عش الزوجية في ظل هذه الظروف الصعبة، وأنا أعمل براتب متوسط، ومتوكل على الله، فما نصيحتكم لي، خصوصا أني أملك مسكنًا غير مكتمل، ولا زال في طور الأساس؟ أرشدوني مأجورين· * يجيب الشيخ سعيد بن مفرح القحطاني عن هذا السؤال في موقع (الإسلام اليوم) بالقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيها الأخ المبارك، أسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله سبحانه أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى·· اعلم -وفقك الله- أن الزواج من أسمى الأهداف وأهم الخطوات في حياة الإنسان، وأنا هنا أشيد بهذا الهدف النبيل الذي تريد تحقيقه في حياتك، وهذا يدل على حرصك على الخير والعفاف، وأنت في هذا السؤال بينت أن حالك متوسطة، وطلبت الاستشارة، فأقول وبالله التوفيق: جاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)· وانطلاقا من هذا الحديث فإن العلماء قد بينوا أن الاستطاعة، المقصود بها في هذا الحديث هي القدرة على تكاليف الزواج من مهر ونفقة وغير ذلك، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هي القدرة على المؤونة· ومما يظهر من سؤالك -أيها الأخ المبارك- أنك تقول: لا أستطيع الزواج في الوقت الحالي إلا بطرق محرمة أو ملتوية كالقرض الربوي، أو طرق أخرى غير مشروعة، ويصدق على حالك عدم الاستطاعة، خصوصا أنك تدرك هذا، وذلك بدليل خوفك من ظلم الفتاة لطول أمد الخطوبة· فأوصيك بأمرين: الأمر الأول: التزم واعمل بالتوجيه الشرعي كما قال الله عز وجل: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله)· وقوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)· وقد قال الله عز وجل في سورة النساء في نكاح الإماء (ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم)· فهذه الآيات تحث على الاستعفاف وغض البصر والتصبر حتى يحصل الغنى والاستطاعة، وكما جاء في الحديث من الوصية بالصوم لما له من فائدة في كسر الشهوة وتسكين النفس، وخصوصا أن هذا التوجيه بعد بيان عدم الاستطاعة، ثم مع هذا يستمر الإنسان في الدعاء والإلحاح على الله عز وجل في تيسير أمر الزواج، والتوفيق بالزوجة الصالحة، فهذا يغنيك عن اللجوء إلى القروض المحرمة والطرق غير المشروعة · الأمر الثاني: حاول تأجيل الزواج لفترة معينة تستطيع خلالها إتمام المنزل، والاستعداد لأمر المهر، والتكاليف المتعلقة بالزواج، وأقترح عليك الخطوات التالية: * استقطع مبلغا شهريا من راتبك، واتمم المنزل بأقل التكاليف بما تراه مناسبا· * حاول أن تكون مقتصدا في معيشتك خلال هذه الفترة لتحصيل مهر تتزوج به، فإياك والإسراف وما لا حاجة لك فيه، ولاتستعجل وتحمل نفسك الديون، فأنت لا تزال في سن مناسبة ولله الحمد· * اجتهد في تحصيل عمل إضافي ولو بمبلغ يسير يساعدك في توفير المال· * احذر من الفراغ والاستغراق في الأفكار والتمني، ولهذا أوصيتك بتحصيل عمل إضافي حتى تملأ وقت فراغك· * اعلم أن غيرك ومثلك كثير من الشبان يريدون ما تريد، وعندهم من الظروف مثل ما عندك، وحال دونهم كالذي حال دونك· فإن هذا يسلي النفس ويهون الأمر· * كن متفائلا، وازرع الأمل في نفسك، ولا تيأس، وكن على يقين بعون الله لك، وسيبارك لك كل خطوة تخطوها في الوصول إلى هذا الهدف الشريف· * اعلم أنك مأجور في صبرك وتعففك، ومأجور في اجتهادك لتحقيق هدفك، فاظفر بهما جميعا· * الجأ إلى الله بالدعاء في أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى· أسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لك أسباب العفاف، وأن ييسر لك الخير، ويصرف عنك الشر· والله أعلم·