أصبحت العديد من الأسر الجزائرية تعرف نوعا من تبادل الأدوار في المؤسسة الزوجية، خاصة بين الأزواج بعد تنصل بعض هؤلاء من مسؤولياتهم، والتنازل عنها لزوجاتهم، اللواتي أضحين مطالبات بتحملها عنهم، حيث يصبح لزاما عليهن القيام بعدة أمور في آن واحد، إضافة إلى عملهن في الخارج، فهن يقمن بالأشغال المنزلية من طبخ وغسل وتربية الأطفال، إلى القيام بإيصال الأبناء إلى مدارسهم، والآن انتهجت العديد من الأسر أسلوب حياة جديد، يعتمدون فيه بالدرجة الأولى على الزوجة والأم، فبعد أن كان التعاون والمشاركة في كل شيء بين الزوجين، أصبحت الزوجة اليوم مطالبة بوضع يدها في كل شاردة وواردة، حتى وإن كانت من اختصاص الزوج كتصليح وتغيير المصابيح وأقفال الأبواب وغيرها، من الأعمال التي تتطلب بذل مجهود عضلي، لا يقوى عليه سوى الرجال، لذا ومن أجل قضاء كل احتياجات الأبناء والعائلة، تقبلت العديد من النساء الأمر الواقع، ورضخن للوضع المفروض عليهن من قبل أزواج متنصلين من مسؤولياتهم الطبيعية· لقد أصبحت الزوجة والأم الجزائرية في السنين القليلة الماضية، تقوم بكل الأدوار تقريبا، فهي تطهو وتغسل وتربي وتدرس، بالإضافة إلى مرافقة الأبناء إلى مدارسهم، زد على ذلك فالذهاب إلى السوق والتبضع صار من مهامها هي وحدها، كل هذا دون أن ننسى اضطرار بعضهن إلى الذهاب للعمل خارجا، فهن بذلك يتحايلن على الوقت من أجل التوفيق بين كل هذه الأعمال والواجبات الكثيرة، في حين يكتفي الأزواج، بمجرد الذهاب إلى العمل فقط، والعودة إلى البيت لمشاهدة التلفاز، وحجتهن الوحيدة للهروب من واجباتهم هي التعب والإرهاق من ضغط يوم كامل في العمل، تاركين بذلك كل المهام للزوجة للقيام بها· إن العوامل التي ساعدت على انتشار هذه الفكرة في أوساط مجتمعنا، ترجع إلى أن العديد من النساء بتن يرفضن أو بالأحرى يتهربن من الشجار مع أزواجهن، كما أن قبول المرأة وتنازلها عن حقوقها كأنثى من أجل القيام بهذه الأعمال جعل الأزواج يعلنون انسحابهم منها والتنازل عنها لهن، وهو ما ساعد أكثر على غرس الاتكالية عليهن· ومن خلال الحديث مع بعض السيدات، لمسنا مدى تذمرهن واستيائهن الشديدين، من هذا الوضع، حيث تقول السيدة فتيحة، المتزوجة منذ سبع سنوات تقريبا، وأم لثلاثة أبناء، إنها لم تعد تمتلك القوة الكافية للشجار مع زوجها بسبب تقصيره في مقاسمتها مسؤوليات البيت، لتضيف أنها تعمل كممرضة في إحدى العيادات الخاصة، حيث تضطر إلى أخذ الإذن عدة مرات في اليوم، من أجل توصيل أبنائها إلى المدرسة وإعادتهم منها، لتوضح قائلة بأن زوجها إنسان طيب، ولكن الخطأ بدأ من عندها، لأنها هي من عودته على فعل كل شيء بنفسها، ومع الوقت بات متأكدا من قدرتها على تدبر كافة أمورها من غير العودة إليه، غير أن التعب والإرهاق نالا منها تماما، ولما أصبحت تطلب منه المشاركة في إنجاز بعض المهام عنها، لم يعرها أي اهتمام، بل ولم يهتم قط بالألم والإرهاق اللذين تعاني منهما، ومن خلال تجربتها تنصح السيدة فتيحة كل فتاة مقبلة على الزواج بوضع نظام معين من البداية ليتم التوضيح وتوزيع الواجبات فيما بينهما، لذا يجب على كل فتاة عدم التنازل عن حقوقها كأنثى، ولا يجب القيام بما لا تتحمله نفسها لإرضاء وكسب مودة الزوج الذي لا يقدر لك عملا مهما فعلت له·