ما وصل إليه بعض الأزواج في الوقت الحالي لا نجد له تفسيرا آخر إلا نعته بالشيء الغريب والمستحيل، الخارج عن المألوف وعن عادات وتقاليد مجتمعنا المحافظ، بعد أن وصلت جرأة بعض الأزواج إلى حد أمر الزوجة بمقاطعة ذويها وإخوتها وأخواتها فبعد أن سمعنا عن انزعاج بعض الأزواج من الزيارات المتكررة لزوجاتهم إلى بيت الأهل وصلوا في الوقت الحالي إلى أمر الزوجة بمقاطعة أقربائها وأهلها حتى المقربين منهم كالأخ والأخت والأم والأب إلى غيرهم من الأقرباء، وكأنهم أرادوا أن تكون تلك الزوجة ملكا خاصا لهم يتحكمون فيه ويسيرونه مثلما يشاءون دون احترام رأي الطرف الآخر أو المحافظة على مشاعره لاسيما وان لحق الأمر إلى حد تخيير الزوجة بين مقاطعة الأهل أو الطلاق فتختار المسكينة اخف الضررين حفاظا على كيان الأسرة وعدم زعزعته. هذا ما إليه أمر بعض الأزواج باسم السيطرة وحب التسلط تارة وإظهار الرجولة والفحولة وحب التملك للطرف الآخر واستعباده تارة أخرى، بحيث تجرءوا حتى على الطلب من المرأة أن تقاطع أهلها وذويها وأخواتها وإلا حدث ما لا يحمد عقباه وكانت النهاية فك رباط الأسرة والوصول إلى ابغض الحلال عند الله، فلم تجد بعض الزوجات إلا الاستسلام إلى الأمر الواقع بمقاطعة أهاليهم حفاظا على أسرهم وعدم زعزعتها على الرغم من أن حق الزيارة هو حق مشروع ومكفول للزوجة نصت عليه القوانين الوضعية والسماوية،فكيف لإنس أن يتجرأ على قطع صلة الرحم التي حثنا عليها ديننا الحنيف، لكن جبروت بعض الأزواج وسيطرتهم الدائمة لزوجاتهم باسم الرجولة والفحولة جعلتهم يقدمون على كل الأفعال المشينة ويكون القصد منها جعل المرأة وكأنها آلة في أيديهم يسيرونها كيفما يشاءون حتى ولو تعلق الأمر بالمساس بمشاعرها وجعل الشقاق بينها وبين أهلها وأقربائها المقربين كأخيها وأختها، أمها وأبيها، جدها وجدتها. وذلك ما شهده الواقع في العديد من المرات والغرض من ذلك هو مقاطعة الزوجة لأهلها والانفراد بها وتملكها كون أن بعض الأزواج يغتاظون من العلاقة الحميمة التي تجمع زوجاتهم بأقربائها ويقارنون بينها وبين تلك التي تجمعها بعائلاتهم، ويرون أن الفرق شاسع حسبهم فيكون الجزاء المطالبة بقطع تلك العلاقة فورا وتخيير الزوجات بينها وبين الطلاق فتختار الزوجة المقاطعة عن خراب البيت وتشتيت الأبناء مكرهة، وعلى الرغم من التأثير السلبي الذي يتركه ذلك القرار في نفسيتها فلا يرضى أحد أن يكون معزولا عن أهله وأقربائه، إلا أن الرابطة المقدسة دفعت بعض النسوة إلى التنازل عن بعض حقوقهن المكفولة شرعا وقانونا فمن حق الزوجة زيارة أهلها بين الفينة والأخرى بإذن الزوج طبعا لكن بعض الأزواج يواجهون ذلك بالرفض القاطع لحرمان الزوجة من استعمال حقها الشرعي تحت تأثير وسوسة الشيطان فكم من عائلة خربت وكان شبب تخريبها احد الأصهار الذي لم يهضم العلاقة القوية التي تربط زوجته بأختها آو أخوها ففكر في الانتقام بأمر الزوجة بمقاطعتهما أو الانفصال وبعد أن تمسك الزوجة مسكة موجعة تهتدي إلى اخف الضررين بالمحافظة على بيتها إلى أن يحن قلب الزوج وينسلخ من الجفاء. زوجات رضخن إلى الأمر الواقع ما كشفه الواقع من عينات تشده له العقول وتعقد له الألسن بعد أن يبلغ المسامع فراق أخ مع أخته أو أخت مع أختها ويكون السبب الزوج الذي انزعج للرابطة القوية التي تجمع الاثنين فأبى إلا أن يحطمها بشتى السبل ولجا إلى التهديد والترهيب للوصول إلى غايته وفعلا هناك من وصلوا إلى مبتغاهم بعد أن رضخت زوجاتهم إلى الأمر الواقع واخترن الفرقة مع الأهل والأحباب بدل المغامرة بالأسرة وتفكيكها وتشتيت الأبناء فهم الضحية الوحيدة في الموقف الحاصل. منهم السيدة يمينة التي قاربت العقد السادس حكت لنا قصتها المأساوية التي تسبب فيها زوجها بالدرجة الأولى، إذ قالت أنها قاطعت أختها لمدة عشر سنوات دون أن تسمع عنها شيئا وهما في نفس الرقعة الأرضية فهي لا تبعدها بكثير وكان طلب المقاطعة لأسباب جد واهية كانت تتهيأ في ذهن زوجها ولا أساس لها من الصحة بحيث اتهمها أنها تتدخل كثيرا في أمور تخصمهما وحدهما الاثنين وأنها دائمة التحريض لها فمنعهما من تبادل الزيارات معها ومقاطعتها نهائيا والأصعب ما في الأمر انه خيرها بين بيتها أو أختها بعدما أظهرت في الأول ترددها في فك علاقتها مع أختها، إلا أنها وجدت نفسها ترضخ إلى الأمر الواقع في الأخير من اجل المحافظة على بيتها وأولادها فقاطعت أختها دون أي سبب لمجرد الشكوك التي كانت تحوم في ذهن زوجها وكانت المقاطعة لمدة عشر سنين بكت طيلتها بحرقة لاسيما في الأعياد والمناسبات الدينية المعروفة بلم الأحباب والأقارب للتسامر والابتهاج، إلا أنها كانت محرومة من ذلك لاسيما وان أختها الوحيدة التي لم تجد من يعوض مكانها ويحل محلها بعد وفاة أمها وأبيها، وأضافت انه استمرت تلك الفرقة إلى غاية وفاة زوجها التي لم تحضر أختها جنازته بالنظر إلى ما فعله بهما لكن وجدتها تأتي مهرولة بعد ثلاثة أيام من وفاته لتحتضنها بقوة و بكت الاثنتان وكلهما حرقة في موقف تقشعر له الأبدان بالنظر إلى لوعة الشوق والحرمان الذي دام لأكثر من عشر سنوات بينهما . سيدة أخرى تحفظت عن كشف اسمها تتشابه مع العينة الأولى إلا أنها تختلف في الفحوى كون أن زوجها أمرها بمقاطعة كل إخوتها الرجال والاكتفاء بأخواتها من الإناث سبب ذلك هو إحساسه بتفضيلهم عنه وحبها الزائد لهم مما أشعل فيه نار الغيرة، فلم يكن بيده سوى ذلك الحل السلبي من اجل الانتقام من زوجته فكانوا لا يزورنها ولا تزورهم فتنتهز المسكينة ملاقاتهم بالبيت العائلي خلسة عنه، والتزمت بذلك للمحافظة على عدم زعزعة كيان الأسرة خاصة بعد أن فُرض عليها التخيير بين المقاطعة أو الطلاق ففضلت الانقطاع والشقاق مع الأهل على هدم بيتها . زيارة الأهل حق مكفول شرعا وقانونا لعل الوسوسة الزائدة والشكوك التي تحوم من حول بعض الأزواج دفعتهم إلى ارتكاب تلك الأفعال المشينة التي تتناقض مع أعراف مجتمعنا وتقاليد ديننا الحنيف الذي حث على تمتع الزوجة بالكثير من الحقوق والتزامها بالعديد من الواجبات فمن حقوقها زيارة الأقارب بين الفينة والأخرى وعدم مقاطعتها لهم ومن واجبها أن يكون ذلك بإذن الزوج طبعا فاستغل بعض الأزواج ذلك الحق المخول إليهم استغلالا سلبيا لمنع زوجاتهم من حق الزيارة كون أن الزوجة إذا خرجت من المنزل من غير إذنه تكون خارجة عن طوع الزوج فهو شيء محرم شرعا إلا أن عنفوان الزوج أثر بالسلب على تلك الضوابط التي وضعها الشرع وكفلتها من بعده القوانين الوضعية على غرار قانون الأسرة الجزائري الذي نص في المادة 36 فقرة 3 على "ضرورة المحافظة على روابط القرابة والتعامل مع الوالدين والأقربين بالحسنى والمعروف" وهو واجب على الزوجين معا وكذلك ما نصت عليه المادة 38 فقرة 1 التي جعلت من حقوق الزوجة زيارة أهلها من المحارم واستضافتهم بالمعروف ، إلا أن هناك من الأزواج من داسوا على تلك الواجبات وأصبحت السلطة المتمتعين بها والعصمة الزوجية التي جعلها القانون الجزائري في يدهم وسيلة لمسكهم زمام الأمور بوجه سلبي دليل ذلك منع بعض الأزواج زوجاتهم من زيارة الأهل والأقارب وحتى أمرهن بمقاطعتهم نهائيا لمجرد شكوك واهية لا أساس لها من الصحة ويكون مردها في الأصل إلى الغيرة التي تكتنف الزوج بعد مشاهدته ذلك الحب والاهتمام الواقع بين الزوجة وأقربائها وعادة ما يقارنه البعض مع العلاقة التي تربط زوجاتهم بأهل الزوج، فيرون حسبهم أن الفرق هو جد شاسع بين العلاقتين لذلك يعلنون الانتقام بفرضهم على الزوجة مقاطعة أهلها وإلا كان مصيرها التطليق. وحق المرأة في الإبقاء على علاقة القرابة مع الأهل واستمرارها بعقد الزيارات بين الفينة والأخرى هو حق كفلته العديد من القوانين الوضعية على غرار قانون الأسرة الجزائري المعدل والمتمم، إلا انه وعلى الرغم من ذلك يبقى بعض الأزواج معلنين جبروتهم وعنفوانهم في وجه زوجاتهم باستغلال واجب الطاعة الذي فرض على الزوجة بوجه سلبي، وما العينات المذكورة سالفا وكذلك ما يمر على المحاكم من قضايا اكبر شاهد على ما تتذوقه بعض الزوجات من معاناة مريرة تسبب فيها الأزواج إلا أن هناك من لم يرضخن إلى الأمر ورأين انه من سابع المستحيلات أن يتسبب الزوج في قطع صلة دمهن مع أقربائهم وفضلن الولوج إلى أبواب المحاكم من اجل فك الرابطة المقدسة والضحية الأولى والأخيرة هم الأبناء الذين يدفعون الثمن من بعد الطلاق وتشتت الأسرة بأكملها لحجج وأسباب واهية افتعلها الزوج ولم تحتملها المرأة وأحست أنها دهس على كرامتها وكبريائها ففضلت أسوء الحلين بتفضيل الطلاق على مقاطعة أقاربها وذويها