لطالما افتخرنا بجزائريتنا ولطالما افتخرنا بثورتنا التي حار منها الزمان ولطالما شغفنا بمقاوماتنا الشعبية التي كثيرا ما أرعبت المستعمر وأخلطت أوراقه·· لكننا اليوم سنذكر مثالا خاصا مميزا فريدا لواحدة من رموز المقاومة الشعبية في الجزائر امرأة مهما كتبنا عنها لا أظن أننا سنوفيها حقها بالنظر لما أحاط بها من ظروف في ذلك الوقت، فهي نموذج مشرف للمرأة الجزائرية الثائرة على الظلم· لم تكن امرأة ككل النساء بل امرأة أخلطت حسابات المستدمر الذي ظن الجزائر عقيمة لاتنجب أمثال المقراني وبوعمامة ونسومر·· ولدت لالا فاطمة لأسرة محترمة يحفها الشرف من كل جهة فوالدها هو (محمد ابن عيسى) مقدم الطريقة الرحمانية وكان صاحب مكانة محترمة ومهابة منحها إياه منصبه الديني، وأمها(لالا خديجة) التي سميت على اسمها أعالي جبال جرجرة· نشأتها الدينية جعلت مقاومتها للاستعمار أكثر من واجب بالنسبة إليها· وغيرت بذلك أهم واقع آنذاك، وهو خروج المرأة في الجيوش للقتال·· يعود لها الفضل في مقاومة المستعمر بشراسة في منطقة القبائل وقيادتها لمقاومة باسلة هناك خاصة بعد معركة تادميت سنة 1844 بقيادة الحاج عمر بن زعموم وكذا محاولة دخول المستعمر إلى الأربعاء ناث ايراثن وأيضا دلس، وقد شاركت إلى جانب بو بغلة في الدفاع عن منطقة القبائل(جرجرة) تحديدا، وقد انضم اليها الكثير من قادة الأعراش وشيوخ الزوايا والقرى·· وقد شاركت لالا فاطمة في عديد المعارك الضارية ضد الاستعمار لعل أهمها معركة تمزقيدة التي خاضتها إلى جانب رفيقها في الكفاح الشريف بوبغلة حيث أن إرادتهما كانت قوية ومقاومتهما كانت شديدة، لكن الفرنسيين كانوا أكثر عدة فحصل عدم تكافؤ في الفرص بين الجانبين فأشارت عليه لالا فاطمة بالانسحاب نحو (بني يني)، طالبين الدعم من القبائل الأخرى من أجل الجهاد فاستجيب لهما وكثر الجيش عدة وعددا واتجهوا نحو (واضية) لمواجهة الغاصب المحتل الذي تدعم ببعض الخونة مثل الباش اغا الجودي وعند اشتداد المعركة تمكنت لالا فاطمة من قتل ذلك الخائن بنفسها، كما أنها أنقذت زميلها في الكفاح الشريف بوبغلة بعد أن سقط جريحا لكن المعركة لم تكن نهايتها في صالحها فأبعدت لالا فاطمة رفقة 30شخصا معها من رجال ونساء إلى منطقة بني سليمان بالمدية وبقيت هناك مدة سبع سنوات إلى أن مرضت مرضا عضالا كان السبب في وفاتها وهي لم تكمل سنتها الثالثة والثلاثين·· فتركت خلفها صفحة مضيئة من صفحات تاريخنا المشرف وخلفت ذخرا يتوارث عبر الأجيال للمرأة الجزائرية··